سورة الأنعام
  فأمرهم الله أن ينظروا في أولئك، وكيف مكنهم الله في الأرض أكثر مما مكن قريشاً، وكانوا أهل غنى وأهل أموال وزراعات، وكيف أن الله أهلكهم واستأصلهم بسبب ذنوبهم وأبادهم، ولم يبق لهم أثر {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ٨}[الحاقة]. ثم أنشأ في بلادهم قوماً غيرهم، فكان من المفروض أن يكون علمهم بحال أولئك وما جرى عليهم بسبب تكذيبهم لأنبيائهم سبباً رادعاً لهم عن التكذيب بنبيهم ÷، وعبرة لهم تمنعهم من التمرد على الله والعصيان له.
  {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ٧} قال الله تعالى لنبيه ÷: اقطع طمعك في إيمانهم فلن يؤمنوا أبداً، ولو أنزل الله عليهم قرطاساً من السماء وهم يشاهدون نزوله عليهم، ولمسوه بأيديهم - لما صدقوك، ولما دخلوا في دينك، ولما آمنوا برسالتك؛ فلا تتعب نفسك في ملاحقتهم.
  {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ}(١) قال المشركون للنبي ÷ مقترحين عليه: لو أنزل معه ملك، يشهد له أنه صادق، وأنه نبي من عند الله، قالوا هذا تمرداً وتعنتاً.
  {وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ ٨} لو أنزلنا ملكاً يأتي معك لانتهى أمر الحياة الدنيا، ولماتوا جميعاً، ولما أمهلهم الله تعالى إذا لم يؤمنوا بعد مشاهدتهم هذه الآيات(٢).
(١) سؤال: ما معنى {لَوْلَا} هنا وإعرابها؟
الجواب: معناها التحضيض، وبدخولها على الماضي تفيد التنديم، وهي حرف لا محل لها من الإعراب ولا تحتاج إلى جواب.
(٢) سؤال: هل يموتون بالعذاب بعد مشاهدة الآيات، أو أن الملائكة لا تنزل إلا بالعذاب؟
الجواب: مضت سنة الله فيمن قبل قريش أنهم كانوا إذا اقترحوا آية وأعطوها ثم لم يؤمنوا يعذبهم بعذاب الاستئصال، وقد علم الله تعالى أن قريشاً لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية، والله تعالى لا يريد استئصال قريش بالعذاب؛ لعلمه بأن في أصلابهم من يؤمن بالله ويعبده، =