محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنعام

صفحة 492 - الجزء 1

  وقد عذب الله تعالى أولئك المستهزئين بسبب استهزائهم، وسيلقى المكذبون بك من النكال مثل ما لقي المكذبون من قبلهم.

  {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ١١} أمر الله نبيه ÷ بأن يأمر قومه بأن يسيروا في الأرض لينظروا كيف كان عاقبة المكذبين وكيف عذبهم الله واستأصلهم؛ لعلهم يعتبرون فيتركوا التكذيب والاستهزاء.

  {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ}⁣(⁣١) وقل لهم يا محمد لمن ملك السماوات والأرض وما بينهما، وهم يعلمون أنها لله، ولكنهم قالوا: إنما نعبد الأصنام لتقربنا إلى الله.

  {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}⁣(⁣٢) يعني أنه لا يعذب أحداً إلا بذنبه، وأنه لا يريد أن يعذب أحداً: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}⁣[النساء: ١٤٧].

  {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} سوف يجمعكم جميعاً يا محمد


(١) سؤال: ما الحكمة في أمر الله لنبيه أن يجيب على نفسه بقوله: {قُلْ لِلَّهِ

الجواب: السر في ذلك أن جواب السؤال ظاهر يعترف به المسؤولون «المشركون» ولا ينكرونه {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}⁣[لقمان: ٢٥]، ولا يحسن أن يجيب السائل على سؤاله إلا إذا كان الجواب ظاهراً لا يستطيع أحد دفعه ولا إنكاره، وهاهنا الأمر كذلك.

(٢) سؤال: هل معنى {كَتَبَ} هنا: فرض وحتم؟ فما رأيكم هل يكون دليلاً على صحة إطلاق الفرض أو الوجوب على الله كما هو رأي المعتزلة؟ وهل المراد بالرحمة عدم إرادته التعذيب لأحد فقط؟ أم أنه أحد مدلولاته؟

الجواب: معنى «كتب» هو فرض وحتم في حق المكلفين، أما في حق الله تعالى فالمعنى: أن من شأن الله تعالى الرحمة بعباده، والإحسان إليهم، والفضل عليهم، والحلم والعفو والمغفرة؛ لعظمته وغناه، وعلمه وحكمته، فرحمة الله بعباده والإحسان والفضل و ... إلخ لما كانت سنة لله لا تتخلف ولا تتغير أطلق عليها لفظ الكتب؛ لهذا الوجه الذي هو واقع لا يتخلف.