محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنعام

صفحة 494 - الجزء 1

  {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ١٤}⁣(⁣١) أمره الله بأن يخبرهم بأنه أول من آمن بالله، واستسلم لعظمته، وانقاد لعزته.

  {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٥ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ١٦}⁣(⁣٢) السلامة من عذاب يوم القيامة هو الفوز العظيم.

  {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٧}⁣(⁣٣) فإذا مس الله الإنسان بضر فلن يرفع الضر غير الله، وإن


(١) سؤال: ما الوجه في تغيير الخطاب من المتكلم {أَكُونَ} إلى المخاطب {تَكُونَنَّ

الجواب: الوجه هو إيقاظ السامع وتنبيهه إلى ما يُخاطَب به، ولما كان الشرك أكبر الكبائر وأعظم الجرائم عند الله استدعت الحال تنبه المخاطب إلى الإصغاء إلى ما يقال له، وتغيير الخطاب من أسلوب إلى أسلوب آخر مما يستفتح به أذن المخاطب ويستدعي إصغاءه.

(٢) سؤال: مقتضى النظم أن يقال: «فقد رُحِمَ»، فلماذا غير؟

الجواب: بني الفعل للمعفول في {يُصْرَفْ عَنْهُ}؛ لأنه الأهم الذي سيق له الكلام حيث جاء بعد قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٥}، فانصب لذلك الاهتمام في قوله: {مَنْ يُصْرَفْ ...} إلى صرف عذاب اليوم العظيم، فسيق الكلام لذكره، فبني الفعل له، ولم يسق الكلام لذكر الصارف من هو؟ أما في قوله تعالى: {فَقَدْ رَحِمَهُ} فالكلام مسوق لذكر الراحم وفضله والمرحوم وفوزه فبني الفعل للفاعل.

سؤال: ما هو المصروف؟ ومن هو الراحم؟ ومن هو المرحوم؟

الجواب: المصروف هو عذاب اليوم العظيم، أي: عذاب يوم القيامة. والراحم هو الله تعالى. والمرحوم هو المصروف عنه ذلك العذاب في يوم القيامة.

سؤال: ما الوجه والنكتة في أمره ÷ بأن يخبرهم أنه يخاف العذاب؟

الجواب: هي - والله أعلم - تنبيه المشركين وإيقاظهم عن غفلتهم عن خطر عصيان الله، وما يلقاه العصاة من الجزاء في يوم القيامة.

(٣) سؤال: ما الوجه في استعمال «إن» بدلاً من «إذا»؟

الجواب: الوجه في ذلك أن الآية وردت لبيان نفوذ قدرة الله واستيلائها وإحاطتها وعموم نفوذها في كل شيء، فما أراد كان وحصل لا رادّ لما يريد على الإطلاق، سواء أراد إنزال خير بأحد أم أراد إنزال شر بأحد، وإذا أنزل ذلك فلا يرفعه أحد، ولم يُرَدْ في هذه الآية بيان =