محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنعام

صفحة 588 - الجزء 1

  اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ١٥٩} كل الفرق الذين تراهم يا محمد، والذين قد صاروا أحزاباً من اليهود، والنصارى، والمجوس، والمشركين، وعبدة الشمس، وعبدة النار، وعبدة الجن؛ فدينك يا محمد برئ من هذه الأديان، وأنت على الحق، وهم على الباطل.

  {إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ} وهو الذي سيتولى جزاءهم.

  {ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ١٥٩} سوف يخبرهم الله سبحانه وتعالى يوم


= لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور. ولو قيل: ليسوا منك في شيء لفهم من ذلك أن النبي ÷ توهم أن تلك الفِرَق تشاركه فيما هو فيه من الأعمال الصالحة، وبعيد غاية البعد أن يكون قد لاح في قلب النبي ÷ أو خطر بباله ذلك التوهم، وعلى هذا فالسياق على بابه.

سؤال: قد يستدل بعض العوام بالآية على أني إذا انتميت إلى الزيدية فإنه من التفرق المذموم، فكيف الجواب؟

الجواب: ورد الذم في هذه الآية للفرق التي خالفت الحق، ولذلك لم يدخل النبي ÷ في الذم في هذه الآية لأنه على الحق هو ومن في حزبه، والزيدية ليست داخلة في الذم لأنها سلكت سبيل الحق والهدى الذي كان عليه النبي ÷ وعلي والحسن والحسين الذين جمعهم النبي ÷ في كساء وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» وقد أورد ابن كثير حديث الكساء في تفسير سورة الأحزاب مستدلاً به هناك، وهو حديث صحيح مجمع على صحته عند السنة والشيعة عند قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}⁣[الأحزاب]، وفي حديث الثقلين المجمع على صحته أيضاً وهو قوله ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» وهو في صحيح مسلم. فمن هنا يتبين أن الزيدية ليست من الفرق المذمومة، بل الذم للفرق الأخرى المخالفة للحق التي ليس لها حجة ولا دليل على أنها على الحق والهدى.