سورة الأعراف
  أغوتهم الشياطين وأوقعتهم في المعاصي فإنهم يستمعون إليهم، ويصغون آذانهم لهم، فيمكثون في غيهم وضلالهم ومعاصيهم، ولا يتذكرون الله سبحانه وتعالى وبأسه، ولا يتخلصون منها، بل يمكثون عليها وعلى إصرارهم.
  {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا}(١) كان المشركون يقولون للنبي ÷: لو أتاهم بآية تدل على صدقه لآمنوا به ولصدقوه؛ فعندما لا يأتيهم بآية استنكروا عليه، وقالوا: لو كان قد جاءنا بآية لآمنا، غير أن الله سبحانه وتعالى قد علم بتمردهم وكذبهم، وأنه لو جاءهم بكل آية أو نزل إليهم الملائكة أو حشر عليهم كل الأموات لما آمنوا به ولما صدقوه. ومعنى «اجتبيتها»: اخترتها.
  {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي} الإتيان بالآيات ليس بيدي، وليس تحت قدرتي، وإنما أمر ذلك إلى الله سبحانه وتعالى، وأما أنا فما أنا إلا رسول من عنده أتبع ما أوحى به إلي.
  {هَذَا بَصَآئِرُ(٢) مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٢٠٣} يأتيهم الله
الجواب: الضمير المرفوع «الواو» يعود إلى الشياطين «الشيطان» والمراد به الجنس في الآية السابقة وعلى هذا فسرها الزمخشري. والواو في أول هذه الآية لعطف قصة إخوان الشياطين على قصة المتقين؛ لما بين الوصفين من التناسب، فالأولى في بيان حال المتقين مع الشيطان، والثانية في بيان حال الكافرين والفاجرين مع الشيطان.
(١) سؤال: ما معنى: {لَوْلاَ}؟ وهل تعمل «لم» بعد «إذا» مطلقاً في فعل الشرط؟
الجواب: «لولا» للتحضيض، فلما دخلت على الماضي أفادت التنديم فهي هنا للتنديم. و «لم» تعمل مطلقاً بعد «إذا» وغيرها، وليس في ذهني أنها تُعلّق عن العمل أو تهمل، والله أعلم.
(٢) سؤال: إلام يشار بـ {هَذَا بَصَآئِرُ}؟
الجواب: الإشارة بهذا إلى القرآن الكريم، وذلك أن القرآن هو آية النبي ÷، ولكن المشركين تجاهلوا هذه الآية العظيمة، وسألوا غيرها، فقال الله تعالى: {هَذَا بَصَآئِرُ} أي: هذا الحاضر الذي يتلى عليكم هو آية بينة واضحة مكشوفة.