سورة الأنفال
  على حسب الرتبة والمنزلة التي يستحقها كل شخص بما قد عمله في الدنيا، وأما الأكل والشرب فهم فيه على سواء. والمراد بالدرجات هو ذلك المعنى الذي هو التشريف والتعظيم بسبب الاستحقاق، والرزق الكريم المراد في الآية: هو النافع الذي لا وباء فيه ولا ضرر.
  {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ٥}(١) جعل الله تعالى الغنائم التي غنمها المسلمون يوم بدر للنبي ÷ دون المسلمين، وذلك لأن النبي ÷ خرج لملاقاة المشركين وحربهم وقتالهم راضياً بخروجه دون المؤمنين الذين خرجوا معه فقد كانوا كارهين لملاقاة المشركين وحربهم وقتالهم فخصه الله تعالى لذلك بالغنائم.
  {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ٦} قد كان المسلمون الذين خرجوا مع رسول الله ÷ يوم بدر كارهين لمواجهة قريش وقتالهم وراغبين للقاء طائفة العير الذين هم أصحاب القافلة المحملة بالتجارة، وتغنم أموالهم، فلما عرفوا أنهم سيواجهون قريشاً وأن قد فاتتهم أقبلوا يجادلون رسول الله ÷ ويتذمرون وقد ظهرت على وجوههم الكراهة لمواجهة قريش، ونطقت بها ألسنتهم، وظهرت مساءتهم، وأيقنوا بالقتل؛ لقلتهم وضعفهم
(١) سؤال: ما إعراب: {كَمَا أَخْرَجَكَ} وكذلك {بِالْحَقِّ}؟ وما محل جملة: {وَإِنَّ فَرِيقاً ...}؟
الجواب: قد أكثروا في إعراب ذلك، والذي أستحسنه: أن تكون «كما» للتعليل لقوله: {قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ}؛ لأجل إخراج الله له إلى مواجهة المشركين فخرج طائعاً راضياً، وهم كارهون للخروج، يجادلون النبي ÷ في ذلك {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ٦}. و «بالحق» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من مفعول «أخرجك» أي: أخرجك يا محمد متلبساً بالحق ومصاحباً له في خروجك. {وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ٥} حال ثانية من الكاف أيضاً فهي في محل نصب، أي: حال كونهم كارهين لخروجك.