محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنفال

صفحة 44 - الجزء 2

  رأوا ما قد أعددتم لهم خافوا منكم، وكذلك أناس غير هؤلاء الذين هم ظاهرون أمامكم على الساحة من اليهود والمشركين إذا رأوا ذلك - خافوا منكم وحسبوا لكم ألف حساب، ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن صفة هؤلاء الآخرين فقال: {لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ} والمراد بهؤلاء الآخرين: المنافقون؛ لأنهم كانوا موجودين في المدينة بين أظهر المسلمين يتحينون الفرصة للنبي ÷ ومن معه، فإذا رأوا قوة المسلمين خافوا وانزجروا.

  {وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ٦٠} فأي نفقة تنفقونها في هذا السبيل الذي هو إعداد العدة ورباط الخيل؛ فاعلموا أن الله سبحانه وتعالى سيوفيكم أجر ذلك، ولن ينقص من أجوركم شيئا.

  {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٦١} إذا مال عدوكم إلى السلم، وطلبوا الهدنة - فاقبلوا ذلك؛ فإن حصل منهم أي خيانة فأعلن بين الناس بنقض ذلك العهد كما أخبر الله سبحانه وتعالى في الآية السابقة.

  {وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ٦٢} إذا طلب المشركون منك السلم والصلح وهم في الواقع مضمرون لك الخديعة فاعلم بأن الله سبحانه وتعالى سيكفيك شرهم وسينصرك عليهم، فقد أيدك الله سبحانه وتعالى بالمؤمنين الذين آمنوا بك.

  {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} وهو الذي ألف بينهم.

  {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٦٣} وهم الأوس والخزرج جمع الله سبحانه وتعالى بينهم، وزرع الألفة بين قلوبهم؛ فتآخوا بعد أن كانوا أعداءً قبل ذلك، وكانت العداوة قد استحكمت بينهم زماناً طويلاً، وصار بينهم قتل وقتال وثارات على مدى مائة وعشرين عاماً، وعندما جاء الإسلام جمع بين هاتين القبيلتين وذهب ذلك الذي كان بينهم، وأصبحوا إخوة متآلفين.