سورة الأنفال
  {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٦٤} أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن في هؤلاء الذين قد آمنوا معه الكفاية للقيام بأمر الجهاد معه - مع تأييد الله سبحانه وتعالى ونصره - والوقوف في أوجه أعداء الإسلام من المشركين واليهود والمنافقين وغيرهم، وسيحمون الإسلام، وفيهم الكفاية لنشره في الأرض، ولن تحتاج إلى أحد غيرهم؛ فتوكل على الله سبحانه وتعالى، وامض بهم لما أمرك الله به.
  {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} يحث الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ على تحريض المؤمنين على القيام بأمر الجهاد(١).
  {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ٦٥}(٢) نزلت هذه الآية في
(١) سؤال: هل لتسمية الجهاد في هذا الموضع قتالاً نكتة فما هي؟
الجواب: كلمة الجهاد هي أوسع معنى من كلمة القتال، فكلمة القتال بعض من مدلول كلمة الجهاد، كما يظهر من مواردها في القرآن الكريم كقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}[العنكبوت: ٨]، وقوله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ٥٢}[الفرقان]، أي: بالقرآن، وقوله تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التحريم: ٩]، ولم يسل الرسول ÷ السيف على المنافقين، كما ذلك معلوم من سيرته ÷، فكان استعمال كلمة القتال بدلاً عن كلمة الجهاد أدلّ على المطلوب، وأدخل في النصوصية عليه؛ إذ لا تحتمل معنى آخر كما هو الحال في الجهاد.
(٢) سؤال: جعل الله سبحانه السبب في قيام الواحد للعشرة هو أن الكفار لا يفقهون، فما هو الذي لا يفقهونه؟
الجواب: الذي لا يفقهه المشركون هو ما أعده الله تعالى للمؤمنين المجاهدين من الثواب العظيم والدرجات الرفيعة في جنات الخلد، {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}[النساء: ١٠٤]؛ لذلك يحرص الكافرون على السلامة من القتل ويهربون منه لأنهم يرون أن الموت أو القتل ضياع وخسارة ونهاية لحياتهم، أما المؤمن فيرى القتل فوزاً وربحاً وبداية لحياة أخرى يعظم نعيمها ويبقى ولا يفنى، و ... إلخ، فهذا هو الذي لا يفقهه الكافرون.