سورة التوبة
  هذا وما تعلموه، يحثهم الله على ذلك حثاً؛ لأنهم يستفيدون عنه في أسفارهم أكثر مما يستفيدونه وهم في بلادهم؛ لأنهم يكونون منشغلين في مدينتهم بأمور معايشهم، وإصلاح أراضيهم وأشجارهم، فلا تتاح لهم فرصة الجلوس حوله والاستفادة منه، فإذا كانوا معه في أسفاره فإنهم يحفظون عنه كل أفعاله وحركاته وأقواله، فلا يرجعون من سفرهم إلا وقد أخذوا عنه الكثير والكثير من الفوائد والعلوم.
  {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ١٢٢} لأجل أن ينتفع بقية قومهم، ويعرفوا أحكام الله وأمور دينهم، وليتجنبوا معصيته.
  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}(١) أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأن يقاتلوا الكفار ويبدؤوا بقتال القريب فالقريب منهم، وأمرهم بأن يكون فيهم شدة وقساوة عليهم، ولا يلينون لهم؛ لأنهم إذا لانوا لهم طمعوا فيهم.
  {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ١٢٣} بنصره ومعونته وتأييده.
  {وَإِذَا مَا(٢) أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} كلما أنزل الله سبحانه وتعالى سورة من القرآن - تهامس بعض أهل المدينة فيما بينهم وتساءلوا فيما بينهم: من منكم زادته هذه السورة إيماناً؟
(١) سؤال: قد يُفْهَم معارضة هذه الآية لآية المائدة: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ}[المائدة: ١٣]، فكيف يجمع بينهما؟
الجواب: آية المائدة نزلت في أهل الكتاب المعاهدين وكانت تصدر منهم خيانات في بنود العهد فأمر الله تعالى رسوله ÷ بالتغاضي والصفح عن تلك الخيانات وأن يتجاوز عنها، وهذه الآية نزلت في المشركين المحاربين فلا تصادم بين الآيتين.
(٢) سؤال: هل «ما» هذه زائدة أم لا؟
الجواب: «ما» صلة «زائدة» تدخل لتأكيد الكلام وتقويته.