محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يونس

صفحة 141 - الجزء 2

  {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ}⁣(⁣١) فهذه هي الحكمة والغرض من الإعادة وبعث الناس يوم القيامة.

  {وَالَّذِينَ⁣(⁣٢) كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ٤} يبعثهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ليجازيهم على أعمالهم التي عملوها في الدنيا، فهؤلاء إلى النار بسبب كفرهم وتكذيبهم بآيات الله سبحانه وتعالى ورسله، وأولئك إلى الجنة والنعيم الدائم جزاء أعمالهم الصالحة.

  {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} يخاطب الله سبحانه وتعالى قريشاً، ويستنكر عليهم عبادتهم الأصنام، ولماذا لا تعبدون الله الذي خلق الشمس وسخرها لكم تستضيئون بنورها الوهاج، وجعل⁣(⁣٣) القمر لكم نوراً تستضيئون


(١) سؤال: قد يقال: هل مضاعفة الثواب إلى حد بعيد من العدل والقسط؟

الجواب: مضاعفة الثواب تفضل وإحسان، أي: ما زاد على الثواب المستحق على العمل الصالح، ولا تنافي بين مضاعفة الثواب وبين العدل والقسط، {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}⁣[البقرة: ٢٦١].

(٢) سؤال: ما العلة في استئناف الكلام في الذين كفروا، ولم يعطفه على الذين آمنوا؟

الجواب: لم يعطف «الذين كفروا» على «الذين آمنوا» ليشير إلى أن الحكمة في خلق الناس في هذه الدنيا ثم إعادتهم بعد الموت يوم القيامة هي مجازاة المؤمنين وإثابتهم: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات]، ولم يخلق الله تعالى أحداً من الناس ليكفر به ويعصيه، ولكن من تمرد على الله وكفر به وفسق عن أمره استحق الجزاء في نار جهنم، {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ١٤٧}⁣[النساء]. ويمكننا تلخيص ذلك بأن الحكمة من خلق المكلفين هو عبادة الله التي توصل صاحبها إلى الجزاء العظيم في جنات النعيم، وقضت حكمة الله ثانياً بأن من تمرد عن عبادة الله وكفر بها فجزاؤه جهنم. وبهذا يتضح ترك العطف، ويظهر حسن الاستئناف، والله أعلم.

(٣) سؤال: هل مرادكم أن هذا هو الفرق بين معنى الضياء والنور؟

الجواب: نعم ذلك هو المراد، ودليل ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا}.