سورة يونس
  بنوره الخافت، وكل منهما لحكمة ومصلحة لكم؟ وكم من فوائد جعلها الله فيهما بقدرته وحكمته.
  {وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ} وهي منازل القمر منزلة بعد منزلة إلى أن تستوفي شهراً.
  {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} جعل هذه المنازل لتعرفوا بها السنين، وتحسبوا بها أوقاتكم ومواعيد معاملاتكم، وفي ذلك من المصلحة ما لا يخفى.
  {مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} ما خلق ذلك إلا لحكمة ومصلحة لكم وغرض منفعتكم، ولم يخلقهما عبثاً.
  وكل شيء يخلقه الله سبحانه وتعالى فهو لحكمة ومصلحة لكم، وأما هو فليس محتاجاً لذلك، يطلعهم الله سبحانه وتعالى هنا على المصالح التي يلمسونها بجوارحهم، ويحسون بها، وتحيط بها أفكارهم ببديهتها، وإلا فهناك فوائد كثيرة غير ذلك فمن فوائد القمر أنه الذي يمسك البحر، ويتحكم في عملية المد والجزر، وفيه(١) جاذبية تمنعه أن يفيض على اليابسة، ولا زال العلم الحديث يكتشف المزيد والمزيد من الفوائد التي تصب كلها في مصلحة الإنسان، وبعدُ فالحكمة العظيمة التي خلق الله من أجلها المخلوقات كلها هي أن يثيب الصالحين، ويعذب الظالمين.
  {يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٥} يوضح الله سبحانه وتعالى، ويبين لهم الآيات التي تدل على وحدانيته وقدرته وحكمته وعلمه ورحمته؛ لأن الشمس والقمر رحمة ونعمة عظيمة يفصل الله سبحانه وتعالى آياته فيهما وفي غيرهما لأولئك الذين يتأملون فيها، ويتدبرون في خلقها، ويزداد إيمانهم بالنظر في عجيب صنعها.
(١) سؤال: فضلاً أين الجاذبية في القمر أم في البحر؟
الجواب: الجاذبية في القمر فهي التي تمسك الماء وتجذبه إلى فوق، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى البحر ترى عند منتهى نظرك الماء مرتفعاً، وهذه المعلومة من العلوم الحديثة، بل قد رأيتها في كتب قديمة لا أذكرها، والله أعلم.