سورة يونس
  والثناء عليه عندما يرون هذه النعمة التي لا يضاهيها نعمة، والنعيم الذي لا يساويه ولا يعادله نعيم، تعبيراً وكناية عن رضاهم عن الله سبحانه وتعالى بما أعطاهم.
  {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ(١) بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} لو أن الله سبحانه وتعالى يستجيب للناس عندما يدعون على أنفسهم بالعذاب والهلاك لانتهت حياتهم ولماتوا، ولو أنه يعجل استجابته لهم بذلك مثلما يعجل استجابته لهم بالخير عندما يدعون به لأهلكوا، ولكن الله سبحانه وتعالى لا يستجيب لهم دعاءهم بالشر على أنفسهم رحمة منه تعالى بعباده.
  {فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١١} لا يعجل الله تعالى العذاب للكافرين بل يمهلهم ويتركهم فيما اختاروا لأنفسهم من الكفر والضلال، مع أنهم يدعون الله سبحانه وتعالى أن يعذبهم، وذلك كدعائهم على أنفسهم عند النبي ÷ عندما دعاهم إلى الإيمان فقالوا: {قُلْ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣٢}[الأنفال]، {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ١٦}[ص]، أي: عجل لنا نصيبنا من العذاب الآن، ولكن الله سبحانه وتعالى لا يستجيب لهم ذلك، بل يتركهم في غيهم وضلالهم وشركهم، يسرحون ويمرحون إلى أن يستوفوا آجالهم التي كتبها لهم، ولو أنه يستجيب لهم لأخذهم في الحال وعذبهم، ولما أمهلهم.
  {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ(٢) أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٢} أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية عن طبع ابن آدم في الجملة، فإذا
(١) سؤال: ما إعراب: {اسْتِعْجَالَهُمْ}؟
الجواب: إعرابه النصب على أنه مفعول مطلق أي: مثل استعجالهم بالخير.
(٢) سؤال: ما معنى: {دَعَانَا لِجَنْبِهِ}؟ وكيف عطف عليه: {أَوْ قَاعِدًا}؟
الجواب: معنى ذلك أنه يدعو الله وهو رهين الفراش، «لجنبه» متعلق بمحذوف حال من فاعل «دعانا»، فهو في محل نصب؛ لذلك صح أن يعطف عليه {قَاعِدًا} بالنصب.