سورة يونس
  أصابه بلاء وشدة - رجع إلى الله سبحانه وتعالى يدعوه ويتضرع إليه، ويستغيث به في كل وقت، وعلى كل حالة في قيامه وقعوده واضطجاعه؛ ليكشف عنه هذا الضر، فما إن يرفع الله سبحانه وتعالى عنه ضره حتى يبدأ في الإعراض عنه وينأى بجانبه، فلا يحمد الله ولا يشكره، ورجع إلى عبادة الأصنام والاستقسام بالأزلام، وترك ذلك الذي عافاه وشفاه وأنقذه من المهالك.
  وهكذا دأبهم يخلصهم الله سبحانه وتعالى من البلاوي والأمراض والمهالك والشدائد، فيعرضون عنه، ويظنون أنهم بعملهم هذا الذي قد زينه لهم إبليس في خير العمل.
  {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} يخاطب الله سبحانه وتعالى قريشاً، ويحذرهم بأسه ويحثهم على أن ينظروا في مصير الذين من قبلهم عندما كفروا بآيات الله سبحانه وتعالى، وكذبوا رسله - ليعتبروا بهم فيقلعوا عما هم عليه، و «لما» بمعنى حين.
  {وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} ولكنهم لم يؤمنوا بالرغم من الآيات التي جاءتهم بها رسلهم؛ فعذبهم الله جزاءً على ذلك.
  {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ١٣} سوف نجازيكم ونفعل بكم مثل ما فعلنا بهم، فاحذروا.
  {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ} من بعد أولئك الذين أهلكناهم، تعمرونها وتعيشون على ظهرها.
  {لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ١٤}(١) لنختبركم كيف سيكون عملكم فيها، هل ستطيعون الله سبحانه وتعالى، وتؤمنون بآياته ورسوله؟ أم ستعرضون كما أعرض من كان قبلكم؟
(١) سؤال: هل في الآية تهديد ووعيد أم إنها على جهة الإخبار فقط؟
الجواب: فيها وعيد وتحذير للخلائق بأن مصيرهم –إن كفروا - سيكون مثل مصائر المكذبين الذين أهلكهم الله بسبب كفرهم وتكذيبهم لرسله.