محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يونس

صفحة 191 - الجزء 2

  يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ٩٧}⁣(⁣١) وهؤلاء الذين حقت عليهم كلمة الله سبحانه وتعالى هم قريش، وكلمة الله هي العذاب، أراد الله سبحانه وتعالى بذلك أن يقنع نبيه ÷ بأنهم لن يؤمنوا أبداً ليقطع طمعه في إيمانهم، وأن الله سبحانه وتعالى مهما جاءهم به من الآيات فلن يؤمنوا وقد كان النبي ÷ حريصاً كل الحرص على إيمان قريش حتى كاد أن يقتل نفسه أسفاً وحسرة عليهم.

  فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية وذلك حين علم الله تعالى من نبيه ÷ أنه يتمنى آية عظيمة من آياته علها تنفع في إيمانهم وأما بلسانه فلم يكن قد سأل الله سبحانه وتعالى ذلك.

  وأخبره أيضاً أن شأنهم كشأن آل فرعون عندما لم يؤمنوا إلا عند نزول العذاب بهم فلم ينفعهم ذلك الإيمان.

  {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ٩٨}⁣(⁣٢) أخبر الله سبحانه وتعالى أن من شأن كل الأمم التي بعث إليها أنبياءه ورسله عدم التصديق والإيمان فأنزل بهم عذابه واستأصلهم إلا قوم يونس من بين هؤلاء جميعاً؛ فإنهم آمنوا عندما


(١) سؤال: قد تستدل المجبرة بهذه الآية على مذهبهم، وهو أن ثبوت كلمة الله عليهم هو السبب في عدم إيمانهم فكيف يجاب عليهم؟

الجواب: علم الله سابق غير سائق، وقد زيف الرازي الاستدلال على الجبر بسبق علم الله - أي: أن علم الله هو المؤثر في إيمان المؤمن وكفر الكافر - لما يلزم من كون الله تعالى مجبراً في أفعاله لسبق علمه بها، والرازي كما لا يخفى من أكبر متكلمي الأشعرية إن لم يكن أكبرهم.

(٢) سؤال: ما معنى «لولا» في الآية؟ ومن أين نستفيد النفي الذي يوحي به كلامكم أيدكم الله بتأييده؟

الجواب: معنى «لولا» التنديم هنا؛ لأنها دخلت على الفعل الماضي، والتنديم إنما يكون في أمر لم يكن ولم يحصل، فمن هنا استفدنا النفي.