سورة هود
  المشركين إذا سمعوا النبي ÷ يقرأ القرآن، أو يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى ويبشرهم وينذرهم - فإنهم يعرضون عنه ثانين لصدورهم، أي: يعرضون بوجوههم(١) عنه لئلا يسمعوه.
  {أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ٥}(٢) فلن ينفعهم إعراضهم عن النبي ÷ لئلا يسمعوه؛ فالله سبحانه وتعالى عالم بأسرارهم ومطلع عليها، وعالم بما يخفونه في قلوبهم حتى حين يتغطون بفراشهم عند النوم، وهو عالم بنية كل واحد، وما هو عازم عليه، وما يوسوس به، وما يحدث نفسه به.
  {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ٦} يطلعهم الله سبحانه وتعالى على مدى قدرته وأنها محيطة بكل شيء، وأنه ما من دابة تسير على الأرض إلا ويوصل إليها رزقها، ويعلم من أي صلب خرجت وفي أي رحم استودعت واستقرت، وأين تذهب وتجيء وأين تبيت وتأوي، وكلها في علمه مكتوبة، ولا يغيب عن علمه شيء من ذلك.
  {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} يخبر الله سبحانه وتعالى المشركين على لسان نبيه ÷ بأنه الذي خلق السماوات والأرض وليست هذه الأصنام التي يعبدونها من دونه.
(١) سؤال: ما العلاقة بين ثني الصدور والإعراض بالوجه؟
الجواب: ثني الصدور، والإعراض بالوجه، كلاهما كناية عن الإعراض عن سماع الكلام وعن التهاون بسماعه.
(٢) سؤال: لماذا يسمى ما يخفيه الإنسان في قلبه بذات الصدور؟
الجواب: سمي ذلك بـ «ذات الصدور» لملازمتها الصدور، فإن الصدور هي مخازن أسرار الإنسان التي تحفظ فيه، والأسرار مصاحبة للصدور.