سورة هود
  محدودة، وبلوغ أجله المقدر له قالوا: ما هو الذي حبس العذاب عنا؟ وما هو الذي منع من حلوله بنا؟
  واستعجالهم ذلك واستفهامهم إنما هو سخرية واستهزاء منهم بنبيهم ÷ وبما جاءهم به.
  وقد أخبر الله سبحانه وتعالى بجواب ما يستعجلونه فقال: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}(١) فإذا نزل عليهم فلا دافع لهم منه.
  {وَحَاقَ(٢) بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٨} فعند رؤيتهم للعذاب ونزوله بهم ستحيط بهم أعمالهم التي عملوها ويحيط بهم جزاء سيئاتهم.
  {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً(٣) ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ٩} يخبر الله سبحانه وتعالى عن حال الإنسان الكافر وهو أنه إذا أنعم الله سبحانه وتعالى عليه في الدنيا بنعمة وأسبغها عليه، ثم بعد ذلك رفع عنه هذه النعمة - فإنه حينئذ
(١) سؤال: من فضلكم تكرموا بإعراب: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}؟
الجواب: «ألا» حرف استفتاح وهو في الأصل داخل على ليس. «يوم يأتيهم» يوم: ظرف زمان مضاف للجملة التي بعده وهي في محل جر بالإضافة، والظرف متعلق بقوله: «مصروفاً» الذي هو خبر ليس، وقد استدلوا بهذه الآية على جواز تقديم خبر ليس عليها من حيث أن تقديم معمول خبرها عليها يؤذن بجواز تقديم الخبر، وقد يقال: إنهم يتجوزون في الظروف بما لا يجوز في غير الظروف.
(٢) سؤال: هل في التعبير بالماضي في «حاق» سر وحكمة؟ فما هو؟
الجواب: السر والحكمة في التعبير بالماضي في «حاق» مع أنه مستقبل - هو الإفادة بتحقق وقوعه فكأنه لذلك قد وقع.
(٣) سؤال: يقال: لماذا عبر الله سبحانه عن النعمة بالرحمة؟
الجواب: لأن النعمة ناتجة عن الرحمة، فالرحمة هنا من المجاز المرسل من إطلاق السبب على المسبب.