محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة هود

صفحة 241 - الجزء 2

  {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ٩٣}⁣(⁣١) يهددهم شعيب بذلك، وأنه سيحل بهم العذاب عما قريب، وستعلمون عما قريب من ستكون الدائرة عليه؛ فانتظروا وترقبوا.

  {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا} عندما حان وقت تعذيبهم ونزول العذاب بهم - أحاطت رحمة الله بشعيب ومن آمن به، فنجاهم واستأصل قومه، فلم يبق على الأرض أحد منهم.

  {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ٩٤} عذبهم الله سبحانه وتعالى بصوت شديد نزل عليهم من السماء لم تتحمله قواهم البدنية - فماتوا جميعاً، ولم يصبح عليهم الصباح إلا وقد جثموا على وجوههم أمواتاً.

  {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} وكأن أحداً لم يكن قد سكن تلك البلاد، أو عاش فيها، وأصبحت خالية من الحياة تماماً، وخرج شعيب والمؤمنون معه من هذه الأرض التي حل فيها العذاب، وكذلك كل أرض نزل بها عذاب الله سبحانه وتعالى فإن الأنبياء يتركونها تشاؤماً منها؛ لأنها أصبحت محل سخط الله سبحانه وتعالى وغضبه.

  {أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ٩٥} أبعدهم الله سبحانه وتعالى من رحمته كما أبعد من قبلهم من المكذبين، وهذا دعاء عليهم.

  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ٩٦ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ٩٧} أرسل الله سبحانه وتعالى موسى بالآيات والحجج الواضحة التي تدل على صدق نبوته، والسلطان المبين هو الحجة الواضحة الظاهرة الدالة على أنها من عند الله سبحانه وتعالى.


(١) سؤال: هل قال كلامه هذا على جهة التهديد والتحدي أو على جهة الإنصاف والتلطف في الدعوة من باب: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٤}⁣[سبأ]؟ أو على الجهتين معاً؟

الجواب: الظاهر أنه قاله على جهة الوعيد والتهديد، ولكنه أخرجه مبهماً لعلو أدبه وكرم أخلاقه #، فلم تسمح له أخلاقه الكريمة بأن يباشرهم بالوعيد والتهديد.