سورة يوسف
  لصغر سنه.
  {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ١٦ قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ١٧} قالوا لأبيهم: نحن نعلم أنك لن تصدق ما نقول لك؛ لأنك متهم لنا فيه، وحبك الشديد له سيمنعك من تصديقنا.
  كانوا قد تركوا يوسف في جوف البئر، وعادوا إلى أبيهم وهم يبكون، أو يتظاهرون بالبكاء، فقالوا له: إنا ذهبنا في سباق وتركنا يوسف عند متاعنا ليحفظه حتى نعود من السباق فلما عدنا من السباق وجدنا الذئب قد أكله ولم يترك منه إلا ثوبه.
  {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}(١) لطخوا ثوبه بالدم ليموهوا على أبيهم {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} وفعلاً لم يصدقهم أبوهم، وعلم أنهم يكذبون عليه، وأن أنفسهم قد زينت لهم المكر بأخيهم.
  {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} ولكن نبي الله يعقوب # بالرغم من شدة مصيبته عزم على أن يصبر على مصيبته هذه، وعزم على ألا يعاتبهم أو يناقشهم أو يظهر جزعه لهم ولا لغيرهم، وأن يحتسب مصيبته هذه عند الله تعالى.
  {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ١٨} وعزم على أن يستعين بالله سبحانه وتعالى، ويطلب منه العون على الصبر على هذه المصيبة، وأن يتوكل عليه في ذلك.
(١) سؤال: يقال: هل كان الدم غير حقيقي أم أنه حقيقي ولكن لم يكن دم يوسف فلماذا أتى به على جهة الصفة ولم ينصبه؟
الجواب: كان الدم دماً حقيقياً ولكنه ليس دم يوسف. ووصف الدم بالمصدر مبالغة في أنه ليس دم يوسف، أي دم كاذب، فالإسناد في الصفة إسناد مجازي (عقلي). وفي وصف الدم بالكذب دليل على كذب دعواهم إنه دم يوسف دلالة واضحة وفاضحة، وذلك أنه جعل الدم الذي على القميص هو الكذب نفسه؛ لذلك كان الدم نفسه دليلاً على كذب دعوى إخوة يوسف.