التعليق:
  الواقع يكذب زعمهما، فتاريخ المجتهدين منذ ظهوره وإلى اليوم يشهد بخلاف قولهما، فخلاف علماء الصحابة وتنازعهم معلوم بالضرورة، مع قرب العهد بالرسول ÷ ورسوخ أقدامهم في معرفة لغة القرآن والسنة، وكذلك من بعدهم وإلى يومنا هذا، فحصول الاختلاف بين المجتهدين يكذب دعوى الجلال وابن الأمير.
  ذلك هو الحل لاجتماع المسلمين عند الجلال والأمير، وما أدري من أين أتيا به، في حين أن الجلال نفسه لم يكد يجف قلمه من كتابة حديث الثقلين، وجزمه بتواتره، وهو قوله ÷:» إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض». كيف ساغ للجلال تركُ هذا النص المتواتر باعترافه، والعدولُ إلى رأي نفسه، ولكن نقول كما قال - ولا سواء -: هكذا فليكن الاجتهاد لتقويم البدع، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
  قال الجلال بعد ذكر خبري السفينة وإني تارك فيكم - والمُراد بخبري السفينة: «أهل بيتي كسفينة نوح ... إلخ»، «وأين يتاه بكم عن علم ...» إلخ -: ثبتت تلك الأحاديث من طرق لا يتسع لها هذا المقال؛ لأنها متواترة المعنى كما حققناه نقلاً في شرحنا لمختصر المنتهى، وهو يغني عن تواتر اللفظ، إلا أن في ذلك بحثاً، وهو أن الأحاديث المذكورة إنما تنتهض على حقية إجماعهم، لا على حقية رأي أفرادهم المختلفين؛ لجواز أن يكون