صحيح السنة بين أهل السنة والسنة،

لا يوجد (معاصر)

السر في الغلو

صفحة 18 - الجزء 1

  المذهب الزيدي ونسبة الحنفية والشافعية إلى الابتداع وترك السنن، وكما نسمعه من المتسننين الجدد من أهل اليمن.

  فهذا الصنيع هو من الغلو المنهي عنه في القرآن الكريم، وعلى لسان الرسول الرحيم ÷، قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}⁣[الإسراء ٣٦].

  وإنما قلنا إن ذلك من الغلو والسرف - لأن الشافعية بما فيهم إمامهم الشافعي من أهل العلم بالسنة، فعمل بما صح في نظره من سنة المصطفى ÷، وكذلك الحنفية وإمامهم، والزيدية وأئمتهم، كلٌّ عمل بما صح عنده من السنة بعد النظر والاجتهاد والتحري، وقد قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}⁣[البقرة ٢٨٦]، وهذا فيما يتعلق بمسائل الأحكام العملية.

  ومن هنا قال الحفاظ: إن مسلماً لما وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زُرعة الرازي فأنكر عليه وتغيظ، وقال: سميته الصحيح فجعلته سُلَّمًا لأهل البدع وغيرهم، فإذا روى لهم المخالف حديثاً يقولون: هذا ليس في صحيح مسلم. ولما قدم مسلم الري خرج إلى أبي عبدالله محمد بن مسلم بن واره فجفاه وعاتبه على هذا الكتاب، وقال له نحواً مما قال أبو زرعة. [انتهى من أضواء ص ٣٠٩].

  وبناءً على هذا فقد يصح الحديث عند قوم ويضعف عند آخرين، وقد يكون سند الحديث عند هذا مستوفياً للشروط المعتبرة في قبول الرواية، بينما هو عند الآخر ليس كذلك، وفي الصحيحين كثير من هذا.