بحث في الصحابة
  دليلٌ آخر: قال أهل الكتاب للصحابة في زمن النبي ÷: إنهم أهل كرامة على الله، وإن الله تعالى لا يعذبهم على المعاصي إلا أياماً معدودة، وقال الصحابة: نحن أحق بذلك منكم، فقد آمنا بالكتاب الأول، والكتاب الآخر ... إلخ المُجادلة بين الفريقين، فنزلت الآية حكماً فاصلاً، فقال تعالى: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ١٢٣}[النساء]، وقال تعالى مُخاطباً لنساء النبي ÷ وهن أمهات المؤمنين وأشد صحبة: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}[الأحزاب ٣٠]. فالحق أن مذهب أهل السنة والجماعة في الصحابة فيه غلو وتجاوز.
  ومما يزيد ما قدمنا تأكيداً ما ضربه الله تعالى لنا من المثل بامرأة نوح وامرأة لوط في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}[التحريم ١٠]، وهذا المثل ضربه الله تعالى خصوصاً للصحابة والصحابيات، فصحبة النبي ÷ لا تُغني من عذاب الله، فلا يغتروا، فسنته تعالى في الأولين والآخرين واحدة، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً، وقال تعالى للناس عامة: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ٧ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ٨}[الزلزلة]، ومن هُنا فإن نبي الله آدم # حين عصى الله تعالى أخرجه من الجنة، وقد أخبر الله تعالى أنه اصطفى آل إبراهيم على العالمين، ثُم قال تعالى مُخبراً عن حالهم: