صحيح السنة بين أهل السنة والسنة،

لا يوجد (معاصر)

دعوى بغير دليل

صفحة 19 - الجزء 1

  فقد خرج البخاري عن جماعة لم يرتض مسلم عدالتهم، وفي مسلم كثيرٌ ممن لم يرتضهم البخاري؛ ولذا فإن علماء الأمة لم يتقيدوا بما فيهما، حتى جاء الزمان بقوم اكتفوا من العلم بقشوره، فضَلَّلوا من ترك العمل ببعض ما في الصحيحين، ونسبوهم إلى البدعة ومخالفة السنة، مستندين في ذلك إلى كلمات قيلت في القرون الوسطى لا يدرون قائلَها، من ذلك قولهم: إن صحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، ثم صحيح مسلم، ثم ... ، ثم ... إلى آخره، فاعتقدوا ذلك، وبنوا على ذلك العقائد وشرائع الأحكام وفضائل الأعمال، وحكموا بالهدى لأنفسهم، وبالضلال لمن خالفهم؛ وكل ذلك ظلمات بعضها فوق بعض، وقد قال تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}⁣[النجم ٣٢]؛ وذلك لأنهم في طريقتهم هذه لم يستندوا إلى دليل، بل استندوا إلى تقليد المشائخ في أمر دينهم، وقلَّدوا الرجال في آرائهم.

دعوى بغير دليل

  لابد من دليل على ما يزعم هؤلاء للبخاري ومسلم ثم للطبقة الثانية: إما من الكتاب أو من السنة، أو أن يجمع على ذلك علماء أمة محمد ÷، ومع العلم أنه لا يوجد شيء من ذلك لا في الكتاب ولا في السنة، ولا في الإجماع.

  أما عمل بعض من العلماء على ذلك فلا حجة في قول أحد بعد المعصوم، في حين أن أكثر علماء الأمة قد تركوا العمل بكثير مما في تلك الكتب، كالحنفية والشافعية والمالكية والزيدية والإمامية.