العقل وأحكامه
  المذهب، وبعضهم قال: لا يمكن تنزيه الرب تعالى عن الكذب إلا على رأي العدلية القائلين بالقبح العقلي.
  واستدلت العدلية أيضاً بأن خصومهم وإن كابروا يفرقون بضرورة عقولهم بين الإحسان والإساءة، وبين الظلم والعدل، وهذه حقيقة مركوزة عند جميع العقلاء قبل ورود الشرائع وبعدها، وهذه الحقيقة المركوزة في فطر العقول لا تتغير بسبب الأوامر والنواهي.
  استدل أهل السنة والجماعة فقالوا: قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}[الإسراء]، ولو كانت القبائح ثابتة بالعقل لاستحق فاعلوها العقاب والعذاب قبل بعثة الرسل، فلما نفى الله تعالى أن يعذب أحداً حتى تأتيه الرسل علمنا أنه لا وجود للقبائح قبل بعثتهم.
  أجابت العدلية: بأنه لا دلالة في الآية على نفي القبائح العقلية بأي نوع من أنواع الدلالة، اللهم إلا توهمهم الملازمة بين انتفاء العذاب وانتفاء القبائح، وهو توهم غير صحيح، بدليل أن المعنى الذي تفيده الآية بظاهرها: أن الله تعالى لكرمه وعظيم رحمته لا يعذب أحداً بعد استحقاقه العذاب حتى يرسل إليه رسولاً ينذره عاقبة ذنبه.