مسائل الخلاف بين المذاهب الإسلامية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

العقل وأحكامه

صفحة 24 - الجزء 1

  ولا مغالبة، ولا يصح أن يقال: إن السيد في ذلك مغلوب ولا عاجز، وهذا ظاهر مكشوف.

  استدلت العدلية، فقالت: إن الأدلة السمعية قد عززت ما نقول به من اعتبار أحكام العقل، وذلك في قوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ٧ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ٨}⁣[الشمس]، فأخبر الله تعالى أنه خلق النفس البشرية وفطرها على استلهام الفجور والتقوى، وما ذاك إلا بما ركز في فطر عقولها من التمييز بين الخبيث والطيب، والحق والباطل، والعدل والإحسان، والصدق والكذب، والوفاء والغدر، والكرم والبخل، و ... إلخ.

  ومن هنا فإنك تجد الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم كثيراً ما يعقب الآية بمثل قوله: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}؛ مما يدل دلالة واضحة على أن العقل بمجرده يميز بين الحق والباطل، والفجور والتقوى، والهدى والضلال و ... إلخ.

  بل إن العاقل يكفيه لمعرفة ذلك أن يرجع إلى عقله ليتذكر ما ركز الله فيه من المعرفة، والقدرة على التمييز، وكم في القرآن من مثل قوله تعالى: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ١٣}⁣[النحل].