مسائل الخلاف بين المذاهب الإسلامية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

لا قبيح من الله تعالى

صفحة 26 - الجزء 1

  إن الله تعالى قد أخبر عن قوم بهذه الآيات أنهم لا يؤمنون، وخبر الله تعالى صدق لا يمكن تخلفه، وحينئذ فلا يمكن إيمانهم، فصار لذلك تكليفهم بالإيمان تكليفاً بما لا يطيقونه ولا يمكنهم فعله؛ إذ لو فعلوه مع ما أخبر الله عنهم لصار خبر الله تعالى كذباً، وذلك محال.

  وهذا هو دليل العلم، ولهم دليل آخر هو دليل الداعي الموجب، وتوضيحه كما في المطالب العالية للرازي: أن الإنسان يجره إلى فعل أي شيء داع من نفسه يرجح له فعل مراده، فإذا حصل هذا الداعي وجب حصول الفعل؛ فيكون الفعل حينئذ اضطرارياً قهرياً، وما كان كذلك من الأفعال لا يوصف بحسن ولا قبح؛ لأن الحسن والقبح لا تتصف بهما إلا الأفعال الاختيارية.

  ثم قالوا عن هذا الداعي الذي يدعو إلى الفعل: إما أن يكون من الله تعالى، أو من العبد، أو من غير شيء؛ فإن كان من الله تعالى وجب أن يكون الفعل منه، وحينئذٍ يكون الفعل اضطرارياً لا اختيار للعبد فيه.

  وإن كان المؤثر في حصول الداعي هو العبد فنقول: مَن المؤثر في الداعي الذي دعا العبد إلى فعل ذلك الداعي هل هو الله، أو العبد، أو حصل من غير شيء؟ وهكذا إلى ما لا نهاية له، وهو محال.