مسائل الخلاف بين المذاهب الإسلامية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كسب الأشعرية (كسب الأشعري)

صفحة 42 - الجزء 1

  وأكثر ما يفسرون به الكسب هو أن العبد محل لما يجريه الله تعالى فيه من الأفعال، وحينئذ فيكون مذهب الأشعرية هو مذهب الجبرية بعينه، ومن هنا صرح الجويني في مقدمة كتابه البرهان بأن الكسب تمويه، بل لو سئلوا عن كل جزء من أجزاء الفعل وما يترتب عليه هل هو من الله أو من العبد، فإن قالوا: من الله؛ فهو مذهب الجبر، وإن قالوا: من العبد؛ فهو مذهب العدلية.

  غير أن الأشعرية جميعاً يقولون: إن الله تعالى هو الذي خلق أفعال العبيد من المعاصي والطاعات، وأرادها وشاءها، ويعترفون ببطلان مذهب الجبر مع أن الجبر هو عين مذهبهم.

  قال ابن القيم في سياق ذم من استدل بالقدر على الجبر: فهو أي الاستدلال بالقدر وحمل العبد ذنبه على ربه وتنزيه نفسه الجاهلة الظالمة الأمارة بالسوء، وجعل أرحم الراحمين وأعدل العادلين وأحكم الحاكمين وأغنى الأغنياء أضر على العباد من إبليس، ثم ذكر ابن القيم حكايات يشنع بها على المجبرة منها:

  قيل لبعضهم: أترى الله كلف عباده ما لا يطيقون، ثم يعذبهم عليه؟

  قال: والله قد فعل ذلك، ولكن لا نجسر أن نتكلم.

  وقال بعضهم - وقد ذكر له من يخاف من إفساده؟ - فقال: لي خمس بنات لا أخاف على إفسادهن غير الله.

  إلى أن قال: وسمعت ابن تيمية يقول: القدرية المذمومون في