مسائل الخلاف بين المذاهب الإسلامية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

التوحيد

صفحة 68 - الجزء 1

  ٣ - قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}⁣[فاطر: ١٠]:

  استدل بها الحنابلة على أن الله تعالى حال في الجهة العلوية، وهذا استدلال خاطئ خارج عما تحمله هذه الجملة من المعاني المقصودة، وذلك أن مثل هذا التعبير في لغة العرب يطلق ويراد به تعظيم صاحبه، وما زال الناس يستعملون ذلك الأسلوب الأدبي، فكثيراً ما نسمعهم يقولون: أرفع إلى الرئيس شكوى كذا وكذا، أو نرفع إليكم شكوى كذا وكذا، وقضية كذا وكذا، وليس هناك رفع من أسفل إلى أعلى، ولا صعود من تحت إلى فوق، غير أن الأدب يحتم مثل هذا الاستعمال للإشعار بتعظيم الرئيس أو المسؤول، وعلى هذا الأسلوب جاء القرآن الكريم.

  يوضح ما ذكر: أن الله تعالى مدح نفسه وسماها بالعلي والأعلى، ولو أخذنا نفسر ذلك بالعلو الحسي لما كان في هذين الاسمين أي مدح ولا تعظيم، وذلك أن مجرد الارتفاع لا صلة له بالمدح والعظمة، وكذلك صفة الانحطاط لا تفيد الذم والخسة.

  مثال ذلك: أن الجوهرة ونفيس الدر وسبائك الذهب والفضة لا تنقص قيمتها بأن تكون في أسفل مكان في الأرض، وكذلك لا تزيد قيمتها بأن ترفعها على رأس أرفع قمة في