التوحيد
  توضيح ذلك: هو أن يقال: إن للنملة عينين تختص بهما وتليقان بها، ولها أذنين تسمع بهما تليقان بها، ولها يدين ورجلين تليقان بها.
  ثم يقال: إن للجمل عينين وأذنين ويدين ورجلين تليق به وتختص به.
  ونحن إذا قلنا هذا القول فإنا قد شابهنا بين النملة والجمل في صفات محدودة، وذلك في أن لكل من النملة والجمل آلة بصر وآلة سمع وآلة مشي، ولا شك أنهما من هذه الناحية متشابهان ومتساويان لا فرق بينهما في ذلك، أعني في أن لهذا آلة سمع وآلة بصر، ولهذا آلة سمع وآلة بصر و ... إلخ.
  فإن قالوا: لا مشابهة بينهما؛ لأن عين النملة صغيرة، وكذلك أذنها ويداها ورجلاها كل ذلك صغير في مقداره، وعين الجمل وأذنه ويداه ورجلاه كل ذلك كبير وعظيم.
  فيجاب: بأن المشابهة بينهما إنما هي في أن كل واحد منهما له آلة سمع، وآلة بصر، وآلة مشي، ووجود المفارقات بينهما من جهة الكبر والصغر والشكل والهيئة لا يعني أنه لا تشابه بينهما من تلك الجهة التي ذكرنا، ولا شك عند العقلاء أن المشابهة بين الشيئين تصح من وجه دون وجه، ويفترقان من وجه دون وجه.