القول في الرؤية
  ٣ - وأما احتجاجهم بالإجماع قبل حدوث الخلاف؛ فنقول:
  دعواكم الإجماع دعوى خالية عن الصحة، ولا يجوز قبول مثل هذه الدعوى الخالية عما يدعهما من البرهان، ونقول: بإمكاننا نحن أن نقول: إن الصحابة أجمعوا على أن الله تعالى لا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة.
  ٤ - قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}:
  كلامنا نحن العدلية في هذه الآية: أن معناها أن الوجوه المستبشرة تنظر إلى رحمة ربها، أو تنتظر وتتوقع النعيم والعطاء العظيم من ربهم، وإنما قلنا ذلك لوجوه من الأدلة:
  ١ - لأن الله تعالى ليس بجسم ولا عرض {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، والرؤية لا تقع إلا على ما كان كذلك.
  ٢ - لقوله تعالى متمدحاً: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}[الأنعام: ١٠٣].
  ٣ - لما تقدم في حكاية قول موسى #.
  أما استدلالهم على أن النظر في هذه الآية بمعنى الرؤية لا غير لاقترانه بحرف الجر (إلى)؛ فنقول:
  استدلالكم هذا غير صحيح فالنظر قد يقترن بـ (إلى) وليس معناه رؤية العين، وذلك في قوله تعالى: {وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ...}[آل عمران: ٧٧]، وليس معناها هنا الرؤية بل معناها هنا: نظر الرحمة.