مسائل الخلاف بين المذاهب الإسلامية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[المقاولات بين الفريقين]

صفحة 90 - الجزء 1

  بين الآيتين بحمل العام على الخاص، فنقول: لا يرى في الدنيا ويرى في الآخرة، وندعم ذلك التخصيص بالأحاديث التي رويت في هذا الباب.

  قالت العدلية: لو حملت الآية: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} على ما ذكرتم لخليت عن التمدح الذي ما سيقت إلا من أجله، وذلك أنه لا شيء من المدح فيمن يُرى في وقت ولا يُرى في وقت آخر، ومعلوم أن من تمدح بذلك يكون مدحه لغواً، ويذهب باطلاً.

  وبعد، فالذي يظهر أنه لا يجوز التخصيص في مثل ذلك إلا بالمخصص المتصل لئلا يعتقد السامع الخطأ والضلال.

  ثم إن آية: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣} من الآيات المتشابهة التي تحمل عدة معانٍ، ومن هنا قال صاحب شرح المقاصد: (لكن الإنصاف أنه لا يفيد القطع، ولا ينفي الاحتمال) قال ذلك في سياق الاحتجاج بالآية.

  قال أهل السنة: معنى الآية: لا تدركه كل الأبصار، وهذا يفيد أن بعض الأبصار تدركه.

  قالت العدلية: إذاً لخليت الآية عن التمدح كما تقدم، مع أن مثل ذلك الاستعمال يجيء في عموم السلب كقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر]، {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ}⁣[الأحزاب: ١]، {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ٢٣}⁣[الحديد].