مسائل الخلاف بين المذاهب الإسلامية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[المقاولات بين الفريقين]

صفحة 92 - الجزء 1

  وقوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}⁣[النساء: ١٥٣].

  قال أهل السنة: إن ذلك الاستعظام وإنزال الصاعقة إنما كان لتعنتهم وعنادهم على ما يُشْعِر به مساق الكلام، ولو سُلِّم فلطلبهم الرؤية في الدنيا على حسب ما يعرفون من معنى الرؤية التي لا تكون إلا للأجسام والأعراض، ونحن نقول: إن رؤية الله في الآخرة هي رؤية أخرى مخالفة في حقيقتها للرؤية في الدنيا.

  قالت العدلية: الفاء تدل على أن نزول الصاعقة بسبب طلب الرؤية ومترتب عليه: {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ...}⁣[النساء: ١٥٣]، {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ...}⁣[البقرة: ٥٥].

  قال أهل السنة: طلب موسى للرؤية دليل على أن الرؤية جائزة في الجملة؛ لأن طلب المستحيل من الأنبياء À محال، ولا سيما ما يقتضي الجهل بالله تعالى، ولذلك أجيب بـ {لَنْ تَرَانِي} دون: (لن أُرى) أو: (لن تنظر إلي).

  قالت العدلية: إنما طلب موسى الرؤية لإقناع قومه الذين قالوا أرنا الله جهرة: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}