[المقاولات بين الفريقين]
  فأراد موسى سلام الله عليه أن يقنعهم غاية الإقناع بجواب من عند الله حاسم مع علمه بأن الله تعالى لا يرى.
  وإنما قلنا ذلك بدليل قوله تعالى: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}[النساء: ١٥٣]، {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا}[الأعراف: ١٥٥].
  أما التعبير بـ {لَنْ تَرَانِي} دون (لن أرى) أو (لن تنظر إلي) فلا حجة لهم فيه، فقد جاء الجواب من الله على حسب السؤال.
  قال أهل السنة: لو كانت الرؤية ممتنعة لوجب على موسى أن يزيح شبهة قومه، وأن يوضح لهم الخطأ كما فعل حين قالوا: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا}[الأعراف: ١٣٨].
  قالت العدلية: شبهة الرؤية أعظم من شبهة عبادة الأصنام فإلاهية الأصنام يكفي لهدم شبهتها أدنى بيان، أما شبهة الرؤية فإنها شبهة مستحكمة، فيها غموض وخفاء، لذلك أراد موسى # أن يسمع قومه الجواب الحاسم الذي يقطع عن قلوبهم الشكوك والشبهات.