الفقه القرآني،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الذكر في القرآن

صفحة 46 - الجزء 1

  وقال عن موسى #: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ}⁣[الأعراف: ١٥١]. وقال عن آدم #: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٢٣}⁣[الأعراف].

  وقال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}⁣[غافر: ٧].

  نعم، ينبغي الاستغفار للوالدين والمؤمنين؛ لما تقدم من الآيات، غير أنه لا ينبغي الاستغفار لأصحاب النار؛ لقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ١١٣ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}⁣[التوبة].

  فبناءً على ما ذكره الله تعالى من العلة التي رتب عليها الحكم، وهي {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}، {أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ}، بناءً على ذلك فلا ينبغي الاستغفار لأهل الكبائر المصرين عليها حتى يتوبوا.

  قوله تعالى حاكياً عن إبراهيم - صَلَّى الله عَلَيْه وآله -: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ}⁣[البقرة: ١٢٦]، يؤخذ منه أنه يجوز الدعاء لأعداء الله بمنافع الدنيا دون منافع الآخرة؛ لما قدمنا.

  قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ١٢٧} ... إلخ الدعاء [البقرة]، يؤخذ من ذلك أنه ينبغي أن تكون أعمال الإنسان مقرونةً بالدعاء، وعليه فيؤخذ من هنا دليلُ الدعاء حال الوضوء، والله أعلم.