[الإمامة]
  أما قتال المسلمين بعضهم لبعض بسلطان أو بغير سلطان فلا ينبغي لمؤمن أن يدخل فيه إلا بعد استحكام معرفة المحق من المبطل، ثم معرفة أن المبطل متمرد، وتماماً كما قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ...}[الحجرات ٩]، وذلك أن دماء المسلمين محرمة بالإجماع إلا الزاني المحصن أو المرتد وقاتل النفس المحرمة، والباغي.
قتال أهل القبلة
  أول قتال بين أهل القبلة وقع في الإسلام ما كان بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #، وبين أهل الجمل، وصفين، والخوارج.
  والمشهور من فعل أمير المؤمنين # في تلك الحروب أنه غنم ما أجلب به عليه أهل البغي في عساكرهم من مال، وكراع، وسلاح، وقسم ذلك بين أصحابه، وترك ما وراء ذلك فلم يتغنم غير ما ذكرنا من سائر أموالهم ودورهم، ولم يسب نساءهم وأولادهم، وإن كانت لهم فئة أجهز على جريحهم واتبع مدبرهم، وإن لم تكن لهم فئة لم يجهز على جريحهم ولم يتبع مدبرهم.
  ومن سيرته # في حروبه أخذ العلماء أحكام البغاة.
[الإمامة]
  اختلف الناس في الإمامة، فقال قوم: تصلح في كل مسلم، وقال آخرون: تصلح في قريش لا في غيرهم، وقال أهل البيت $ وأشياعهم تصلح في أهل البيت # لافي غيرهم، ثم اختلفوا فأجاز قوم إمامة الفاسق الظالم، وأهل البيت وأشياعهم لا يجيزون إمامته، والأدلة هي في جانب أهل البيت $ وشيعتهم رضوان الله عليهم، غير أن جماهير المسلمين انتصروا للأمر الواقع وتحيزوا إلى جانبه - والناس مع الملوك، ودين الرعية على دين الملك -، فجعلوا الخلافة لغير أهلها، بل أوجبوا