[طرق العلة]
  مُلاَئِمٌ، وَغَرِيبٌ، وَمَلْغيٌّ.
  فَالمُلائِمُ المُرسَلُ: مَا لَمْ يَشْهَدْ لَهُ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ بِالاعتِبارِ(١)، لكِنَّهُ مُطابِقٌ لِبَعْضِ مَقاصِدِ الشَّرْعِ الجُمْلِيَّةِ، كَقَتْلِ المُسْلِمِينَ المُتَرَّسِ بِهِمْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَكَقَتْلِ الزِّنْدِيْقِ وَإِنْ أَظهَرَ التَّوبَةَ، وَكَقَولِنَا: يَحرُمُ عَلى العَاجِزِ عَنِ الوَطْءِ مَن تَعْصِى لِتَركِهِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَهَذَا النَّوعُ هُوَ المَعْروفُ بِالمَصَالِحِ المُرسَلَةِ، وَ المَذْهبُ اعْتَبَارُهُ.
  وَالغَريْبُ المُرسَلُ: مَا لاَ نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرعِ، لكِنَّ العَقْلَ يَستحسِنُ الحُكْمَ لأَجْلِهِ، كَما يُقَالَ فِي البَاتِّ لِزوجَتِهِ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوْفِ لئلاَّ تَرِثَ: يُعَارَضُ بِنُقيضِ قَصْدِهِ؛ فَتُوَرَّثُ قِياساً عَلَى القاتِلِ عَمْداً، حَيْثُ عُورِضَ بِنَقيضِ قَصْدِهِ فَلم يُؤَرَّثْ، بِجَامِع كونِهما فَعَلَا فِعْلاً محَرَّماً لِغَرضٍ فَاسِدٍ، فإِنَّهُ لَمْ يَثْبتْ فِي الشَّرْعِ أَنَّهُ العِلَّةُ فِي القاتِلٍ وَلاَ غَيرِهِ.
  وَأمَّا المَلْغيُّ: فَهُوَ مَا صَادَمَ النَّصَّ - وَإِن كَانَ لِجِنْسِهِ نَظِيْرٌ فِي الشَّرْعِ - كَإِيجَابِ الصَّومِ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُظَاهِرِ وَنَحْوِهِ(٢)، مِمَّنْ يَسْهُلُ عَلَيهِ العِتْقُ؛ زِيَادَةً فِي زَجْرهِ، فإِنَّ جنْسَ الزَّجْرِ مَقصُودٌ فِي الشَّرْع، لَكِنَّ النَّصَّ مَنَعَ اعتِبَارَهُ هُنَا فأُلْغِيَ، وَهَذَانِ(٣) مُطَّرحَانِ اتِّفَاقاً.
  قِيْلَ: وَمِنْ طُرِقِ العِلَّةِ: الشَّبَهُ، وَهُوَ: أَنْ يُوهِمَ الوَصْفُ المنَاسَبَةَ،
(١) بأن لا يثبت في الشرع اعتبار عينه أو جنسه في عين الحكم أو جنسه. (طبري).
(٢) كالمواقع أهله في نهار رمضان. على القول بالوجوب.
(٣) أي: الغريب المرسل، والملغي المرسل.