الباب السادس: في العموم والخصوص، والإطلاق والتقييد
  وَيَصِحُّ فِي العَامِّ وَالخَاصِّ، فَيُعْمَلُ بِالمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا، فَإِنْ جُهِلَ التَّأْرِيخُ اطُّرِحَا(١). وَقَالَ الشَّافِعيُّ: يُعمَلُ بِالخَاصِّ فِيمَا تَنَاوَلَهُ، وَبِالعِامِّ فِيمَا عَدَاهُ، تَقَدَّمَ الخَاصُّ أَمْ تَأَخَّرَ أَمْ جُهِلَ التَّأرِيخُ.
  فَصْلٌ: وَالمُطْلَقُ: مَا دَلَّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ(٢).
  وَالمُقَيَّدُ بِخِلاَفِهِ(٣). وَهُمَا كَالعَامِّ وَالخَاصِّ(٤). وَإِذَا وَرَدَا فِي حُكمٍ وَاحِدٍ حُكِمَ بِالتَّقْييدِ إِجْمَاعاً(٥)، لاَ فِي حُكْمَيْنِ مُختَلِفَيْنِ مِن جِنسَينِ اتِّفَاقاً(٦) إِلاَّ قِيَاساً(٧)، وَلاَ حَيثُ اخْتَلَفَ السَّبَبُ وَاتَّحَدَ الجِنْسُ(٨) عَلَى المُخْتَارِ(٩).
(١) لكن إنما يطرح من العام ما يقابل الخاص فقط دون ما عداه.
(٢) أي: يكون مدلول ذلك اللفظ حصة محتملة لحصص كثيرة من الحصص المندرجة تحت مفهوم كلي لهذا اللفظ نحو: أعتق رقبة.
(٣) فهو ما دل على معين. والمراد به في الاصطلاح: ما أخرج منه شائع في جنسه بوجه من الوجوه نحو: رقبة مؤمنة.
(٤) أي: فيما ذكر فيهما، من متفق عليه ومختلف فيه، ومختار ومضعف، فما جاز تخصيص العام به جاز تقييد المطلق به، وما لا فلا.
(٥) نحو: أطعم تميمياً، أطعم تميمياً عالماً، فالتقييد وجوب إطعام تميمي عالم. وفي نسخة: اتفاقًا، وهو الأولى كما لا يخفى.
(٦) نحو: أطعم تميمياً، اكس تميمياً عالماً، فلا يقيد التميميُّ المطعمُ بالعالم.
(٧) أي: بمعنى إذا كان هناك علة جامعة وجب إلحاق أحدهما بالآخر، كقياس التيمم المطلق في قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} على الوضوء المقيد بالمرافق في قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}.
(٨) واتحد الحكم أيضاً، مثل كفارتي الظهار والقتل حيث أطلق الرقبة في كفارة الظهار، نحو قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، وقيدها بالإيمان في كفارة القتل فقال تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} فإن السبب - وهو الظهار واليمين والقتل - مختلف، والجنس - وهو العتق - متحد، والحكم متحد أيضاً.
(٩) عند المصنف والحنفية سواء كان بجامع أم غيره. ومذهب أصحابنا والمتكلمين والأظهر من مذهب الشافعي وأصحابه: أنه يحمل المطلق على المقيد إن اقتضى القياسُ التقييدَ، وإلا فلا.