الباب السابع: في المجمل والمبين، والظاهر والمؤول
البَابُ السَّابِعُ: فِيْ المُجْمَلِ وَالمُبَيَّنِ، وَالظَّاهِرِ وَالمُؤَوَّلِ
  المُجْمَلُ: مَا لَا يُفْهَمُ المُرَادُ بِهِ تَفْصِيلاً(١). وَالمُبَيَّنُ مُقَابِلُهُ(٢). وَالبَيَانُ هُنَا: مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ المُرَادُ بِالخِطَابِ المُجْمَلِ. وَيَصِحُّ البَيَانُ بِكُلٍّ مِنَ الأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ، وَلاَ يَلزمُ شُهْرَةُ البَيَانِ كَشُهْرَةِ المُبَيَّنِ(٣).
  وَيَصِحُّ التَّعْلّقُ فِي حُسْنِ الشَّيءِ بِالمَدْحِ(٤)؛ إِذْ هُوَ كَالحَثِّ، وَفِي قُبْحِهِ بَالذَّمِ؛ إِذْ هُوَ آكَدُ مِنَ النَّهْيِ(٥).
  وَالمُخْتَارُ أَنَّهُ لاَ إِجْمَالَ فِي الجَمْعِ المُنَكَّرِ؛ إِذْ يُحْمَلُ عَلَى الأَقَلِّ(٦)، وَلاَ فِي تَحرِيمِ الأَعْيَانِ(٧)؛ إِذْ يُحمَلُ عَلَى المُعْتَادِ،
(١) فالمجمل نحو قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ} فإن العرب كانت لا تفهم من الصلاة إلا الدعاء، وأراد بها الشارع هنا غير الوضع الأصلي وأجمله حيث لم يبين مراده في اللفظ، بل بينه بفعله ÷ حيث قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
(٢) وقد يكون مسبوقا بإجمال وقد لا يكون، نحو: السماء والأرض، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} إذا قيلت ابتداء.
(٣) أي: لا يلزم إذا كان المجمل متواتراً أو جلياً أن يكون المبين مثله، بل يجوز أن يبين القطعي بالظني، والجلي بالخفي.
(٤) نحو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ}.
(٥) نحو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ...} الآية. والمراد هنا: أن تعلق المدح بالعام أو غيره لا يصيره مجملاً.
(٦) نحو: رجال، فيحمل على أقل ما يدل عليه وهو ثلاثة؛ إذ هو المتيقن دخوله في الخطاب والأصل براءة الذمة عن الزائد.
(٧) أي: في التحريم المضاف إلى الأعيان، نحو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} فيحمل ذلك على المعتاد كالوطء في الموطوء، والأكل في المأكول، ونحو ذلك.