الباب الثامن: في النسخ
الْبَابُ الثَّامِنُ: فِي النَّسْخِ
  النَّسخُ: هُوَ إِزَالَةُ مِثْلِ الحُكْمِ الشَّرعيِّ بِطَريقٍ شَرعِيٍّ مَعَ تَرَاخٍ بَينَهُمَا(١).
  وَالمُخْتَارُ جَوَازُهُ وَإِنْ لَم يَقَعِ الإِشعَارُ بِهِ(٢) أَوَّلاً، وَنسخُِ مَا قُيِّدَ بِالتَّأْبِيدِ(٣)، وَإِلَى غَيرِ بَدلٍ(٤)، وَالأَخَفِّ بِالأَشَقِّ(٥) كَالْعَكْسِ(٦)، وَالتِّلاوَةِ وَالحُكْمِ جَمِيعاً(٧)، وَأَحدِهِمَا دُونَ الآخَرِ(٨)،
(١) كنسخ القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام.
(٢) والذي وقع الإشعار به نحو قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}[النساء: ١٥]، قيل: السبيل النكاح، وقيل: الحد الذي في سورة النور {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ...}[من آية ٢].
(٣) إن كان التأبيد قيداً للفعل، نحو أن يقول: صومواً أبداً، فيجوز تخصيصه؛ لأنه بمثابة التأكيد بـ «كل»، و «أجمعين»، وهو - أي: المؤكد - يجوز تخصيصه فيجوز نسخه؛ لأن النسخ والتخصيص واحد.
(٤) يعني: أنه يجوز نسخ التكليف من غير تكليف آخر بدلاً عنه، كنسخ وجوب تقديم الصدقة قبل مناجاة الرسول ÷ إن لم تكن بعد النسخ مندوبة.
(٥) نحو: نسخ صوم يوم عاشوراء برمضان.
(٦) أي: كما أنه جائز نسخ الأشق بالأخف كنسخ وجوب مصابرة كل طائفة من المسلمين لعشرة أمثالهم بوجوب مصابرتهم الضعف - أي: المثل - للضعف.
(٧) نحو قول عائشة: «كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات محرِّمات» ثم نسخنَ بخمس، فقد نسخ لفظه وحكمه. [وهذا مجرد مثال].
(٨) مثال نسخ التلاوة وبقاء الحكم: ما روي عن عمر: «مما أنزل الله تعالى في كتابه: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة». [وهذا مجرد مثال]، ومثال نسخ الحكم وبقاء التلاوة: نسخ الاعتداد بالحول في حق المتوفى عنها الثابت بقوله تعالى: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ =