[فعل النبي ÷ لما نهى عنه]:
  لكن علمهما(١) - لم يكن لسكوته تأثير؛ لجواز اكتفائه بإنكاره(٢).
  فإذا جمع الشروط المذكورة (دل ذلك) السكوت (على إباحته) أي: على إباحة فعل الغير المُقَرِّ، فلنا أن نستبيحه؛ لأنه قد تقرر أنه ÷ لا يسْكُتُ على فِعْل مُنْكَر مع ذلك(٣)؛ وإلا كنا لا نأمن أن في الأفعال ما هو محظور لم يُبيِّنه، وذلك مؤدٍ إلى التنفير، وهو باطل، والله أعلم.
  وإنما يدل ذلك(٤) على الجواز(٥) وأنه ليس بمحظور ولا خطأ إن لم يَسْبِقْ تحريمه، أما إذا سبق تحريمه فنسخ(٦) إن تأخر بقدر إمكان العمل، كما سيجيء، أو تخصيص إن لم يتأخر.
  نعم، قد ذكر معنى ما تقدم ابن الحاجب في مختصر المنتهى، وتبعه على ذلك الإمام المهدي #، والسيد صارم الدين، لكنه ذكر في فصوله في الأولى من صور الترك ما لفظه: تركه للإنكار على فاعل ما عُلِمَ حَظْرُه يدل على إباحته له، وأما لغيره فإن كانت الإباحة لسبب(٧) وشاركه الغير فيه(٨) فهو مثله، وإلا(٩) فلا إلا لدليل(١٠).
  قلت: وهذا يدل على أن الأول(١١) ليس على إطلاقه، فتأمل.
(١) أي: الفعل والإنكار. هامش (أ).
(٢) أي: بإنكار الغير، بل يكون سكوته على إنكار الغير تقريرًا لذلك الإنكار.
(٣) أي: مع تكامل الشروط المذكورة آنفاً.
(٤) أي: السكوت الجامع للشروط.
(٥) أي: جواز ذلك الفعل.
(٦) أي: أما إذا كان ذلك الفعل محرماً فالتقرير نسخ لذلك المحرم.
(٧) كالترخيص لعبدالرحمن بن عوف في لبس الحرير لأجل حُكّة في جلده أو لأجل إرهاب العدو.
(٨) أي: في السبب.
(٩) أي: وإلا تكن لسبب وشاركه الغير فيه فلا يدل على الإباحة للغير.
(١٠) أي: يدل على مشاركة الغير له من قياس أو غيره.
(١١) وهو قوله: دل ذلك على إباحته.