الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[فعل النبي ÷ لما نهى عنه]:

صفحة 130 - الجزء 1

  لكن علمهما⁣(⁣١) - لم يكن لسكوته تأثير؛ لجواز اكتفائه بإنكاره⁣(⁣٢).

  فإذا جمع الشروط المذكورة (دل ذلك) السكوت (على إباحته) أي: على إباحة فعل الغير المُقَرِّ، فلنا أن نستبيحه؛ لأنه قد تقرر أنه ÷ لا يسْكُتُ على فِعْل مُنْكَر مع ذلك⁣(⁣٣)؛ وإلا كنا لا نأمن أن في الأفعال ما هو محظور لم يُبيِّنه، وذلك مؤدٍ إلى التنفير، وهو باطل، والله أعلم.

  وإنما يدل ذلك⁣(⁣٤) على الجواز⁣(⁣٥) وأنه ليس بمحظور ولا خطأ إن لم يَسْبِقْ تحريمه، أما إذا سبق تحريمه فنسخ⁣(⁣٦) إن تأخر بقدر إمكان العمل، كما سيجيء، أو تخصيص إن لم يتأخر.

  نعم، قد ذكر معنى ما تقدم ابن الحاجب في مختصر المنتهى، وتبعه على ذلك الإمام المهدي #، والسيد صارم الدين، لكنه ذكر في فصوله في الأولى من صور الترك ما لفظه: تركه للإنكار على فاعل ما عُلِمَ حَظْرُه يدل على إباحته له، وأما لغيره فإن كانت الإباحة لسبب⁣(⁣٧) وشاركه الغير فيه⁣(⁣٨) فهو مثله، وإلا⁣(⁣٩) فلا إلا لدليل⁣(⁣١٠).

  قلت: وهذا يدل على أن الأول⁣(⁣١١) ليس على إطلاقه، فتأمل.


(١) أي: الفعل والإنكار. هامش (أ).

(٢) أي: بإنكار الغير، بل يكون سكوته على إنكار الغير تقريرًا لذلك الإنكار.

(٣) أي: مع تكامل الشروط المذكورة آنفاً.

(٤) أي: السكوت الجامع للشروط.

(٥) أي: جواز ذلك الفعل.

(٦) أي: أما إذا كان ذلك الفعل محرماً فالتقرير نسخ لذلك المحرم.

(٧) كالترخيص لعبدالرحمن بن عوف في لبس الحرير لأجل حُكّة في جلده أو لأجل إرهاب العدو.

(٨) أي: في السبب.

(٩) أي: وإلا تكن لسبب وشاركه الغير فيه فلا يدل على الإباحة للغير.

(١٠) أي: يدل على مشاركة الغير له من قياس أو غيره.

(١١) وهو قوله: دل ذلك على إباحته.