الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

الدليل الثاني: السنة

صفحة 131 - الجزء 1

  نعم، فإن استبشر به ÷ فأوضح⁣(⁣١) من السكوت في الجواز اتفاقاً؛ ولذلك تمسك الشافعي في ثبوت النسب بالقيافة⁣(⁣٢) بسكوته ÷، واستبشاره بقول المُدلجي في قصة أسامة وزيد⁣(⁣٣)؛ لأن المنافقين طعنوا في نسب أسامة بن زيد؛ لسواد أحدهما⁣(⁣٤) وبياض الآخر⁣(⁣٥). ولا حجة في ذلك عند أئمتنا $ والحنفية؛ لأنهما⁣(⁣٦) إنما يكونان حجة حيث يعلم الحكم⁣(⁣٧) منهما، لا من غيرهما، وهو هنا معلوم منه⁣(⁣٨)، وإنما فعلهما⁣(⁣٩) لغرض جملي، وهو حسم⁣(⁣١٠) القالة بما يَلْزمُ الخصم على أصله⁣(⁣١١)؛ لأنه يكفي في الإلزام أن القيافة عندهم حق، فإن الإلزام لا يجب أن يكون بمقدمة⁣(⁣١٢) حق في نفسها، بل بما يسلمه⁣(⁣١٣) الخصم. وَتَرَكَ⁣(⁣١٤) تبيين أنها ليست بطريق شرعي لظهور ذلك؛ إذ قال ÷: «الولد للفراش ..».

  هذا، وأن السكوت المذكور لا بد أن يكون مع العلم، كما صرح به المصنف، أما إذا لم يعلم فليس بحجة، خلافاً للظاهرية، كما رُوي عن بعض الصحابة:


(١) وإنما كان أوضح لأن الاستبشار بمخالفة الحق لا يجوز عليه. شرح فصول.

(٢) القيافة: الاهتداء إلى الشيء، يقال: قاف الأثر قيافة، إذا اهتدى له.

(٣) عندما مرّ بهما وقد غطيا رأسيهما وبدت أقدامهما، فلما رأى ذلك قال: هذه الأقدام بعضها من بعض، فلما ذُكرت القصة للنبي ÷ استبشر بذلك.

(٤) وهو: أسامة.

(٥) وهو: زيد.

(٦) أي: السكوت والاستبشار. (ب).

(٧) وهو ثبوت نسب زيد في هذا المثال.

(٨) أي: من غيرهما، وهو قول النبي ÷: «الولد للفراش وللعاهر الحجر».

(٩) أي: السكوت والاستبشار.

(١٠) أي: قطع القالة الحاصلة من المنافقين.

(١١) لأن الخصم يعمل بالقيافة. هامش. ج.

(١٢) في (ب): «مقدمة».

(١٣) في (ب): «بما سلمها».

(١٤) جواب سؤال مقدر. هامش (أ).