الدليل الثاني: السنة
  نعم، فإن استبشر به ÷ فأوضح(١) من السكوت في الجواز اتفاقاً؛ ولذلك تمسك الشافعي في ثبوت النسب بالقيافة(٢) بسكوته ÷، واستبشاره بقول المُدلجي في قصة أسامة وزيد(٣)؛ لأن المنافقين طعنوا في نسب أسامة بن زيد؛ لسواد أحدهما(٤) وبياض الآخر(٥). ولا حجة في ذلك عند أئمتنا $ والحنفية؛ لأنهما(٦) إنما يكونان حجة حيث يعلم الحكم(٧) منهما، لا من غيرهما، وهو هنا معلوم منه(٨)، وإنما فعلهما(٩) لغرض جملي، وهو حسم(١٠) القالة بما يَلْزمُ الخصم على أصله(١١)؛ لأنه يكفي في الإلزام أن القيافة عندهم حق، فإن الإلزام لا يجب أن يكون بمقدمة(١٢) حق في نفسها، بل بما يسلمه(١٣) الخصم. وَتَرَكَ(١٤) تبيين أنها ليست بطريق شرعي لظهور ذلك؛ إذ قال ÷: «الولد للفراش ..».
  هذا، وأن السكوت المذكور لا بد أن يكون مع العلم، كما صرح به المصنف، أما إذا لم يعلم فليس بحجة، خلافاً للظاهرية، كما رُوي عن بعض الصحابة:
(١) وإنما كان أوضح لأن الاستبشار بمخالفة الحق لا يجوز عليه. شرح فصول.
(٢) القيافة: الاهتداء إلى الشيء، يقال: قاف الأثر قيافة، إذا اهتدى له.
(٣) عندما مرّ بهما وقد غطيا رأسيهما وبدت أقدامهما، فلما رأى ذلك قال: هذه الأقدام بعضها من بعض، فلما ذُكرت القصة للنبي ÷ استبشر بذلك.
(٤) وهو: أسامة.
(٥) وهو: زيد.
(٦) أي: السكوت والاستبشار. (ب).
(٧) وهو ثبوت نسب زيد في هذا المثال.
(٨) أي: من غيرهما، وهو قول النبي ÷: «الولد للفراش وللعاهر الحجر».
(٩) أي: السكوت والاستبشار.
(١٠) أي: قطع القالة الحاصلة من المنافقين.
(١١) لأن الخصم يعمل بالقيافة. هامش. ج.
(١٢) في (ب): «مقدمة».
(١٣) في (ب): «بما سلمها».
(١٤) جواب سؤال مقدر. هامش (أ).