مسألة: [في تعارض أفعال النبي ÷ وأقواله، وحكم ذلك]:
  قيل: وهو(١) لفظي؛ إذ مراد منكري التعارض أنه لا يمكن في المتضادين بمجردهما، وهو اتفاق. ومراد مثبتيه أنه يكون فيهما باعتبار ما ينضم إليهما من القرائن اللفظية، وهو اتفاق.
  قال الإمام المهدي # بعد أن ذكر من كلام أبي الحسين وابن الحاجب ما يحصّل(٢) أنه لفظي: ولعل موقع الخلاف حيث روي عنه ÷ الفعل وضده ولم ينقل تاريخ، فأبو رشيد يقول: لا يعمل بأيهما؛ إذ قد علمنا أن أحدهما منسوخ فلا يجوز العمل به، وكذلك الثاني؛ لتجويزه المنسوخ.
  وأصحابنا يقولون: بل يلزم العمل بهما جميعاً؛ لجواز التعبد بهما جميعاً في وقتين، فيعمل بهما جميعاً، ولا حرج في التقديم والتأخير ما لم يعلم اختصاص كل واحد بوقت معين.
  قال #: وهذا يستقيم حيث علمنا الوجه الذي وقعا عليه، ولم تقم دلالة على نسخ أحدهما، لكن جُهِلَ أيهما، ولا أظن أبا رشيد يخالف في ذلك، والله أعلم.
  (ومتى تعارض قولان أو قول وفعل فالمتأخر ناسخ) إن تأخر بقدر إمكان العمل(٣) (أو مخصص) إن لم يتأخر، أما القولان فظاهر، وأما الفعل والقول فمثال ذلك: أن ينقل إلينا أنه ÷ استقبل القبلة لقضاء الحاجة، وأنه نهى عن ذلك، فإن علم التاريخ: فإن تقدم القول كان فعله ناسخاً للنهي، وإن تأخر القول اعتمدناه؛ لأنه إما ناسخ لما تقدم(٤)، أو كاشف عن أنه مخصوص بجواز الفعل دوننا.
(١) أي: الخلاف بين القائلين بالتعارض ومنكريه.
(٢) في (ج): «ما تحصّل».
(٣) أي: إذا تراخى وقتاً يمكن العمل فيه بالأول، كقول الرسول ÷: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها؛ فإنها تذكركم بالآخرة».
(٤) وهو الفعل.