الدليل الثاني: السنة
  (فإن جُهِلَ التاريخ فالترجيح) بينهما لازم، وسيأتي بين القولين إن شاء الله تعالى. وأما بين الفعل والقول(١) فالقول أرجح على المختار.
  وقيل: الفعل. وقيل: الوقف.
  ويُرَجِّح القول وجوه:
  الأول: أنه وضع لإفادة المخاطب، بخلاف الفعل.
  والثاني: أن الفعل يختص بالمحسوس فقط، والقول يفيد في المحسوس والمعقول.
  الثالث: أن الفعل مُختلف في الاستدلال به، بخلاف القول فلا خلاف(٢) في صحة الاستدلال به.
  الرابع: أن الأخذ بالفعل يَبْطُل به القول من كل وجه، والأخذ بالقول لا يبطل به الفعل من كل وجه، بل يمكن الجمع بينهما بأن الفعل خاص به دوننا، فنكون قد أخذنا بهما جميعاً، والجمع بين الدليلين ولو بوجه واحد أولى، بل واجب. وقولُ المخالف: إن الفعل أولى؛ لأنه قد بُيِّنَ به القول، كقوله ÷: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، و «خذوا عني مناسككم»، وكخطوط الهندسة وغيرها - مردودٌ(٣) بأن الإفهام في القول أكثر، سلّمنا المساواة، فالقول يُرَجَّح بما قدمنا.
  نعم، ينبغي تفصيل هذا الإجمال بما ذكره فحول الرجال؛ لشدة الحاجة إلى معرفة رحب هذا المجال [فنقول:] الفعل والقول فيهما أربعة أقسام(٤):
  القسم الأول: أن لا يدل دليل على تكرار الفعل في حقه، ولا على تأسي الأمة به ÷.
(١) في (أ): «القول والفعل».
(٢) في (أ): «مخالف».
(٣) خبر لقوله: وقول المخالف إن الفعل.
(٤) الأقسام أربعة كما ذكرها المصنف، وكل قسم ثلاثة أصناف. وهي أن يكون القول خاصًّا به، أو خاصًّا بنا، أو عامًّا له ولنا، وكل صنف ثلاثة أقسام: ١ - التقدم ٢ - التأخر ٣ - جهل التاريخ.