الدليل الثاني: السنة
  فالقول: إن خصّه(١) نحو: «استقبال القبلة مُحرَّم عليّ دونكم» وتأخر فلا تعارض، وإن تقدم امتنع؛ لأن النسخ قبل التمكن غير جائز، كما سيأتي، أو على سبيل المعصية، وهي ممتنعة، خلافاً للأشعرية(٢)، هكذا في الفصول وغيره.
  قال الإمام المهدي # في المنهاج(٣) في هذه الصورة: فلو تقدم التحريم على الفعل كان الفعل ناسخاً له قطعاً، لكن لا بد من تراخيه عندنا.
  قلت(٤): يعني قدراً يمكن فيه ترك الفعل. ولعل ما ذكره في الفصول مبني على عدم التراخي(٥)، مثل: أن يقول: «لا يجوز لي أن أفعل كذا في وقت كذا»، ثم يفعله فيه، فالفعل ناسخ عند الأشاعرة، وعندنا أنه ممتنع. وهكذا في الصور(٦) الآتية اللآتي خالفت فيها الأشاعرة، فافهم، وقس على هذا مُوفَّقاً إن شاء الله تعالى.
  وإن(٧) جُهِل فالمختار: القول؛ لما قدمنا. وقيل: الفعل. وقيل: الوقف.
  وإن خص الأمة نحو: «استقبال القبلة محرم عليكم دوني» فلا تعارض(٨)، تقدم الفعل أو تأخر أو جُهل.
  وإن عمَّه وعمَّهم: فإن كان بطريق التنصيص - بأن يقول: «محرم عليَّ وعليكم» وتأخر(٩) - فلا تعارض، لا في حقه؛ لاحتمال كون فعله السابق
(١) أي: إذا كان القول خاصًّا بالنبي ÷.
(٢) في أنه يجوز النسخ قبل إمكان العمل. هامش (أ).
(٣) انظر ص ٥٧٥ الطبعة الأولى.
(٤) هذا من كلام المؤلف وليس من كلام المهدي #.
(٥) أي: مبني على جواز النسخ قبل التمكن من الفعل. قسطاس.
(٦) في (أ) الصورة.
(٧) في (ب) فإن.
(٨) أي: بين الفعل والقول؛ إذ الفرض عدو وجوب التأسي، فلا تعلق للفعل بالأمة.
(٩) أي: القول.