الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

الدليل الثاني: السنة

صفحة 137 - الجزء 1

  وإن خص الأمة نحو أن يقول: «الاستقبال محرم عليكم دوني»، فلا تعارض في حقه مطلقاً⁣(⁣١)، وفي حقهم: إن تأخر فنسخ، وإن تقدم امتنع، خلافاً للأشعرية.

  وإن جُهِلَ فالمختار - وفاقاً للجمهور - العمل بالقول؛ لاستقلاله في الدلالة⁣(⁣٢).

  وقيل: بالفعل؛ لأنه يبين القول⁣(⁣٣). وقد قدمنا إبطاله وترجيح القول.

  وقال الإمام يحيى #، والقاضي، وابن زيد⁣(⁣٤) وغيرهم: بل يتعارضان. وهو القول بالوقف الذي ذكره في مختصر المنتهى.

  وهو ضعيف؛ لأنا مُتعبَّدون بالعمل، والتوقيف فيه إبطالٌ للعمل، ونفيٌ للتعبُّد به، بخلاف الأول - وهو التوقيف في حق الرسول ÷ - لعدم تعبدنا به.

  وإن عمّه وعمّهم وتأخر فنسخ⁣(⁣٥) وإن تقدم امتنع، خلافاً للأشعرية. وإن جُهِلَ فالثلاثة⁣(⁣٦)، المختار منها: القول. قال عضد الدين: لكن تقدير⁣(⁣٧) الدليل الرابع من وجوه ترجيح القول هاهنا أدق؛ وذلك لأنه⁣(⁣٨) يبطل حكمه


(١) أي: سواء تقدم أو تأخر أو جهل.

(٢) بخلاف الفعل فإن له محامل، ولا ظاهر له، وإنما يفهم منه في بعض الأحوال ذلك بقرينة خارجية فيقع الخطأ فيه كثيرًا، وأيضاً فدلالة القول متفق عليها، ودلالة الفعل مختلف فيها، والمتفق عليه أولى بالاعتبار. قسطاس.

(٣) نحو: «صلوا كما رأيتموني أصلي» و «خذوا عني مناسككم».

(٤) ابن زيد هو العلامة الجليل عبدالله بن زيد العنسي المذحجي الزبيدي، من كبار علماء الزيدية في القرن السابع الهجري، فقيه مجتهد أصولي متقن، قال ابن أبي الرجال: إن كتبه حوالي (١٠٥) كتب ما بين صغير وكبير، (ت ٦٦٧ هـ).

(٥) أي: نسخ لدليل التأسي.

(٦) أي: المذاهب الثلاثة، أي: يؤخذ بالقول، وقيل: بالفعل، وقيل: بالتوقف.

(٧) في (أ) و (ب): «تقدير». والصواب «تقرير» كما في الغاية وشرح العضد وحاشية السعد.

(٨) أي: القول يبطل حكم الفعل في حقهم وحقه، لكن إنما يبطل في حقه دوام الفعل واستمرار حكمه، دون أصل الفعل، فإنه قد فعل مرة ولا يتصور إبطاله، وهذا كافٍ في ترجيح القول. سيلان.