مسألة: [ما لا يشترط في جماعة التواتر]:
  ومتواتر معنى وفي لفظه اختلاف، وقد ذكره المصنف حيث قال: (وقد يتواتر المعنى دون اللفظ(١)) فمختلف، فيكون المعلوم ما اتفقوا عليه، إما بتضمُّن أو التزام(٢)، وذلك (كما في شجاعة علي # وجود حاتم) فهما المتواتران(٣).
  وقال الإسنوي(٤): المتواتر الإعطاء والقتل(٥). أما عليّ # فإنا علمنا شجاعته لما نُقل إلينا ما حصل منه في حروبه، من أنه هزم في خيبر كذا، وفعل في أحد كذا، إلى غير ذلك، فإنه يدل بالالتزام(٦) على شجاعته، وقد تواتر ذلك(٧)، وإن كان شيء من تلك الجزئيات لم يبلغ درجة القطعي، وقد قيل: إنه لم يتواتر عنه إلا قتل سبعة في وقائع عدة. وأما حاتم فإنا علمنا كرمه لما حكي لنا من عطاياه من فرس وإبل وعين وثوب؛ فإنها تتضمَّن(٨) جوده، فنعلمه وإن لم نعلم شيئاً من تلك القضايا بعينه، ذكره عضد الدين.
  وذكر الإمام المهدي # أن شجاعة علي # مثال للتضمُّن، وجود حاتم
= وما بعدها ط/الثالثة مكتبة أهل البيت.
(١) ويسمى التواتر المعنوي: وهو أن ينقل العدد الذي يستحل تواطئه على الكذب وقائع مختلفة مشتملة على قدر مشترك. كاشف لقمان.
(٢) أي: أن كلاً من الأخبار يتضمن ذلك المعنى أو يستلزمه. شرح فصول.
(٣) أي: الجود والشجاعة.
(٤) الإسنوي: هو عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر الأموي الإسنوي، الشيخ جمال الدين أبو محمد، ولد بإسنا من صعيد مصر، وتوفي بالقاهرة سنة ٧٧٢ هـ.
(٥) انتهى كلام الإسنوي.
(٦) وذلك لأن الشجاعة من الملكات النفسانية؛ فيمتنع أن تكون نفس الهزم المحسوس، أو جزءًا منه، لكن الشجاعة لازمة لجزئيات الهزم والقتل في الوقائع الكثيرة، فتكون دلالة الهزم ونحوه في الوقائع الكثيرة على الشجاعة بطريق الالتزام. ح غ ٢/ ٢٢.
(٧) في (أ): «وقد تواتر ذلك منه».
(٨) وجعلت هذه دلالة تضمنية من جهة الظاهر؛ إذ الجود في الحقيقة يطلق على الملكة النفسانية، وفي الظاهر يطلق على الأثر الصادر عنها، وقد أريد بالجود هاهنا ما هو الظاهر، وهو إعطاء ما يبتغى لا لعوض مطلقًا، فيكون جزءًا من الإعطاء المخصوص، فيكون دلالة كل واحد من خصوصيات الإعطاء عليه بطريق التضمن. شرح الغاية ٢/ ٢٢.