الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

فرع: [عدالة الصحابة]:

صفحة 194 - الجزء 1

  بن عطاء⁣(⁣١) وعمرو بن عبيد، قالا: لو شهد علي # وطلحة والزبير وعائشة وعثمان ما قبلنا شهادتهم. قال العضد: بل ما بين علي # ومعاوية.

  واعترضه سعد الدين بأنه قد اشتهر في السلف أن أول من بغى في الإسلام معاوية. قال في حواشي الفصول: أنصف الله من العضد، وكان أمير المؤمنين خصمه. فعند هؤلاء أنه لا يقبل الداخلون في الفتن؛ لأن الفاسق غير متعين⁣(⁣٢).

  وقال الباقلاني: كغيرهم⁣(⁣٣)، فيهم العدول وغير العدول، فيحتاج إلى التعديل.

  لنا: القطع بعدالة من لم يظهر فسقه منهم؛ لقوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}⁣(⁣٤) [الفتح ٢٩]، وقوله ÷: «أصحابي كالنجوم ...» الحديث، وقوله ÷: «طوبى لمن رآني»، فدل على أن لهم خصوصية دون غيرهم، وهو أنه يحكم بعدالة من لم يظهر فسقه منهم.

  نعم، قد ادعى ابن الصلاح الإجماع على تعديل جميع الصحابة، ومن لَابسَ الفتن منهم كذلك⁣(⁣٥)، قال: ثبت ذلك بإجماع الذين يُعْتَدُّ بهم في الإجماع. قال إمام زماننا - أيده الله تعالى -: وهلّا تلا ابن ا لصلاح قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}⁣[التوبة ١٠١]، وقوله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}⁣[آل عمران ١٥٢]، مع قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ...} الآية [هود ١٥]، وهلّا تذكر ما يروي هو في الصحاح قوله ÷ في أصحابه الذي يَرِدون الحوض فَيُحلؤون⁣(⁣٦) عنه، فيقال:


(١) هو: واصل بن عطاء أبو حذيفة، من الطبقة الرابعة من طبقات المعتزلة، (ت ١٣١ هـ).

(٢) أي: لأن الفاسق من الطرفين غير معين، فكلاهما مجروح العدالة، فلا يقبل. وقد أجيب بأنه متعين؛ للأدلة الدالة على بغي من حارب عليًّا كرم الله وجهه، مثل قوله ÷ لعمار: «تقتلك الفئة الباغية».

(٣) أي: الصحابة كغيرهم من الناس.

(٤) فقد وصفهم الله تعالى في هذه الآية بأوصاف من لازمها العدالة؛ فكانوا عدولاً.

(٥) أي: عدول.

(٦) أي: يمنعون ويطردون.