الدليل الثاني: السنة
  ولا فرق بين أن يقول ذلك في حياته ÷، أو بعد وفاته. وكذا التابعي إذا أطلق(١).
  السادسة: إذا قال: كنا نفعل، أو كانوا يفعلون، والمختار وفاقاً للجمهور: أنه حجة - خلافاً لبعض الحنفية والمحدِّثين - لظهور قوله: «كنا» في أنهم فعلوه في زمانه ÷، واطلع عليه ولم ينكره، فهو من نوع المرفوع، ولاحتمال قوله: «كانوا» لذلك(٢)، وللإجماع بعده، ومنه قول عائشة: (كانوا لا يقطعون اليد في الشيء التافه). وذكر في الجوهرة: أنه لا فرق بين «كنا» و «كانوا» في احتمالهما للإجماع، ورواه في الفصول عن المنصور #، وقرره المهدي #.
  وقول التابعي: «كانوا يفعلون» يدل على فعل بعض الأمة، لا كلهم، إلا أن يصرِّح بذلك.
  السابعة: إذا قال: عن النبي ÷ فهو من الإسناد المُتَّصِل عند الجمهور؛ لأن الظاهر سماعه منه بلا واسطة، قال أئمتنا $: ويحتملها، فيكون من المرسل. وقال الإمام يحيى #: بل مرسل. وقال القاضي: بل متصل مرفوع.
  قلنا: اللفظ محتمل(٣)، فلا وجه للقطع بأيهما.
  قال الإمام المهدي #: وهذا الخلاف إنما هو حيث يقول: عن النبي ÷: «فيما سقت السماء العشر»، أو نحو ذلك، وأما لو قال: روي عن النبي ÷، أو قال: عن النبي ÷ أنه قال: كذا - فهذا موضع اتفاق أنه إرسال، لا أرى أحداً يخالف في ذلك؛ لأنه كالصريح في أنه لم يسمعه، وأنه رواه غيره.
  ومن المختلف فيه أن يقول: عن النبي ÷ قال: «فيما سقت السماء العشر»، بل هذه الصورة أقرب إلى احتمال أنه سمعه منه.
  قال المحدثون: فأما غير الصحابي فعنعنته من المتصل، بشرط سلامته من
(١) أي: إذا قال: من السنة.
(٢) أي: في أنهم فعلوه في زمان النبي ÷، ويحتمل أن يكون المراد أنهم أجمعوا عليه بعد موته، ومنه قول عائشة: كانوا لا يقطعون اليد.
(٣) أي: محتمل للرفع والإرسال.