الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 268 - الجزء 1

  والواطئ في الصوم والمظاهر. قال الحاكم⁣(⁣١): وروى أهل الحديث أن جعفر بن محمد الصادق # احتج بها⁣(⁣٢) على أبي حنيفة في إبطال القياس فقطعه.

  وقيل: في كل شرع، وهو رأي الإمامية؛ لأن الأحكام الشرعية لا تُعرف بالعقل، ولأن طريقه الظن⁣(⁣٣) وهو يحتمل الخطأ؛ لخفائه وإغناء النصوص عنه. قال النظام: فلا يجوز العمل بحكم حينئذٍ إلا⁣(⁣٤) بالكتاب أو خبر متواتر، وإلا فالعقل فقط. وقالت الإمامية: بل بقول الإمام المعصوم. وقالت الظاهرية: بل بالنصوص ولو كانت آحادية، قال بعضهم: والقياس الجلي.

  هذا، (و) ما قاله المخالفون من منع التعبد به سمعاً فغير مسلّم؛ إذ (هو محجوج بإجماع الصحابة ¤) على العمل به، فإن عملهم به تكرر وشاع وذاع ولم يُنكره أحد (إذ) هم (كانوا بين قائس وساكت سكوت رضا، و) هذا الإجماع وإن كان سكوتيًّا وهو ظني - فإنه هاهنا قطعي لا ظني؛ لأن (المسألة قطعية) إذ العادة تقضي قطعاً بأن السكوت على مثل هذا الأصل الكلي الدائمي لا يكون إلا عن وفاق. وهذا تمسّك بنفس الإجماع.

  قال ابن الحاجب: ولأنه ثبت بالتواتر عن جمع كثير منهم أنهم عملوا بالقياس عند فقد النص، والعادة تقضي بأن إجماع مثلهم في مثله لا يكون إلا عن قاطع، فيوجد قاطع على حُجِّيَّتِهِ قطعاً، وما كان كذلك فهو حجة قطعاً، فالقياس حجة قطعاً، والتفاصيل وإن كانت آحاداً فالقدر المشترك - وهو أن الصحابة كانوا يعملون بالقياس - قد تواتر، ولا يضر عدم تواتر كل واحد، كما في شجاعة علي #. وهذا الذي ذكره ابن الحاجب تمسك بدليل قاطع دل على ثبوته


(١) أي: الجشمي، وقد سبقت ترجمته.

(٢) أي: بهذه الطريقة، وهي قوله: «إذ فرق بين المتماثلات ..» الخ.

(٣) قالوا: والمطلوب العلم لا الظن في جميع الأحكام. ولا يخفى ضعف هذا القول.

(٤) عبارة المنهاج: «إلا أن يستدل عليه بالكتاب».