[الدليل الرابع القياس]
  الأصوليين للأصل شروطاً، على أن قوماً حكموا بأن الأصل هو الحكم، لكن إضافته(١) إليه كما ترى يعرفك بالجري على مصطلح الفقهاء والأصوليين.
  واعلم أن ابن الحاجب وغيره زادوا شرطاً رابعاً لحكم الأصل، وهو أن لا يكون فيه قياس مركب(٢)، وهو أن يستغني عن إثبات حكم الأصل بالدليل لموافقة(٣) الخصم له فيه، مع أن الخصم يكون مانعاً لكون الحكم فيه مُعللاً بعلة المستدل، وذلك إما بمنعه(٤) لكونها علة، أو لوجودها(٥) فيه. والأول يسمى: مركب الأصل، والثاني مركب الوصف. وإنما سمي ذلك مركباً لإثبات الخصم والمستدل كل منهما الحكم بقياس(٦) آخر، فقد اجتمع قياسهما، ثم إن الأول اتفقا فيه على الحكم - وهو الأصل باصطلاح - دون الوصف الذي يُعلِّل به المستدل، فسميَ مركب الأصل. والثاني اتفقا فيه على الوصف(٧) الذي يُعلِّل به المستدل، فسمي: مركب الوصف؛ تمييزاً له عن صاحبه.
  مثال الأول: أن تقول الشافعية في مسألة العبد هل يقتل به الحر: عبد فلا يقتل به الحر كالمكاتب، فإنه محل الاتفاق، فيقول الحنفي: العلة عندي في عدم قتله بالمكاتب ليس كونه عبداً، بل جهالة المستحق للقصاص من السيد والورثة؛ لاحتمال أن يبقى عبدًا لعجزه عن أداء النجوم فيستحقه السيد، وأن يصير حُراً بأدائها فيستحقه الورثة، وجهالة المُستحق لم تثبت في العبد، فإن صحَّت هذه بطل إلحاق العبد به في
(١) يعني قول الماتن: «أن لا يكون حكمه منسوخاً». هامش (ب).
(٢) ولفظ القسطاس: ومن شروط حكم الأصل أن لا يكون فيه قياس مركب، وهو أن يكون الحكم في الاصل غير منصوص عليه، ولا مجمع عليه بين الأمة، واستغنى عن إثباته بالدليل؛ لموافقة الخصم للمستدل فيه، مع كون الخصم مانعاً لكون الحكم فيه معللاً بعلة المستدل.
(٣) في العضد: «بموافقة».
(٤) كمسألة القتل الآتية. هامش (ج).
(٥) كما في مسألة الطلاق الآتية. هامش (ج).
(٦) يعني بعلة أخرى. هامش (ب).
(٧) في القسطاس: «على علية الوصف».