الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه: [مسائل متفرقة في العلة]:

صفحة 307 - الجزء 1

  نعم، إذا حكمنا بصحة القاصرة المستنبطة فهل الحكم يضاف إليها؟ بمعنى أنها باعثة عليه، أو هو مضاف إلى النص، بمعنى أنه المعرف، فيضاف إلى المنصوصة دون المستنبطة؟ ذهبت الشافعية إلى الأول، وهو المختار. والحنفية إلى الثاني. قيل: والخلاف لفظي؛ إذ كل من الفريقين لا ينكر ما قاله الآخر.

  هذا، وأما اشتراط عدم مخالفة العلة لمذهب صحابي؛ لأن الظاهر أخذه من النص، والاحتمال لا يدفع الظهور - فهو غير مستقيم؛ لجواز أن يكون مذهب الصحابي له علة مستنبطة من أصل آخر. وكذا اشتراط القطع بوجود العلة في الفرع؛ نظراً إلى أن الظن يضعف لكثرة⁣(⁣١) المقدمات، فربما يضمحل - غير صحيح، بل يُكتفى بالظن؛ لأنه غاية الاجتهاد فيما يقصد به العمل كما مر.

تنبيه: [مسائل متفرقة في العلة]:

  اعلم أن العلة لما كان عليها مدار لولب القياس وسّع الكلام فيها النُّظار وأرباب التحقيق، فحسُن منا أن نستوفي بعضاً منه⁣(⁣٢) لينتفع به الطالبون، فنقول: العلة لها حقيقة وشروط وخواص وأقسام وطرق.

  والفرق بين الحقيقة والخاصة: أن الحقيقة شاملة لكل المفردات المندرجة تحتها، بخلاف الخاصة فهي في بعضها دون بعض. والفرق بين الشروط والخواص: أن الشروط معتبرة في تأثيرها في حكمها، بخلاف الخاصة فليست معتبرة فيه، وإنما هي⁣(⁣٣) أمر يخصها في نفسها، وستعرف ذلك.


= لأن فائدتها منحصرة في إثبات الحكم بها وهو منتفٍ؛ لأن الحكم في الأصل ثبت بغيرها من نص أو إجماع، والمفروض أنه لا فرع - فأجاب بعدم تسليم انحصار الفائدة في إثبات الحكم، بل لها فائدة أخرى وهي معرفة الباعث، فإنه أقرب إلى الامتثال والإذعان من التعبد المحض، وأيضًا فيها فائدة أخرى وهي منع الإلحاق بمحل معلولها.

(١) في (أ): «بكثرة».

(٢) في (ج): «منها».

(٣) أسقط من (ج): «هي».